الأحد، أكتوبر 31، 2010

علي لبن يزور الجيل الصالح






زار النائب الأستاذ علي لبن عضو مجلس الشعب عن دائرة قطور , معهد الجيل الصالح الأزهري الخاص بسملا مركز قطور


وأجتمع النائب مع عدد من أولياء الأمور وأعضاء هيئة التدريس بالمعهد وأستمع إلي آرائهم ومقترحاتهم في النهوض بالمعهد كمؤسسة تربوية وثقافية , كما ناقش مع مدرسي المعهد بعض المشكلات التربوية التي تقابلهم في أثناء اليوم الدراسي وبين كيف يمكن التعامل مع هذه المشكلات من خلال خبراته الواسعه في مجال التربية ..




- بدأ لقاء الأستاذ علي بالمدرسين بتوضيح رسالة المعهد ودوره منذ تأسيسه في نشر ثقافة التربية الإسلامية الأصيلة وتعليم طلاب المعهد وتربيتهم علي قيم الإسلام السمحة وفقاً لنظام تربوي إسلامي يعتمد علي التوجيه والإرشاد والتربية القويمة , كما أعطي أمثلة تربوية ليوضح للحاضرين كيف يمكن الإستفادة من خلال هذه التجارب في علاج المشكلات التربوية العارضة .
في نهاية اللقاء شكر أعضاء هيئة التدريس بالمعهد النائب علي لبن , علي حضوره المعهد وتقديمه النصح لأبنائه المدرسين بإعتباره رائداً في مجال التربية

الخميس، أكتوبر 21، 2010

إخوان تحت راية القرآن من رسائل حسن البنا (1)


جاء هذا الخطاب في الفترة الحرجة التي كانت تواجهها الأمة الإسلامية في ذلك الوقت (1939م) عندما سقطت تلك السقطةَ البشعةَ، ولأول مرة في التاريخ لم يكن هناك- كما يروي الشيخ الغزالي في بعض كتبه- دولةٌ إسلاميةٌ نَجَت من الاستعمار والاحتلال في طول أرجاء العالم الإسلامي.. مساحاتٌ واسعةٌ من أرض عالمنا الإسلامي سقطت تحت قبضة الاحتلال، ولم يكن هذا فحسب، وإنما قد نجح الأجنبي الغاصب في أن يدمر هذا العالم الإسلامي أو المجتمع الإسلامي من داخله، وقد استغرق ذلك قرنًا من الزمان بعد ما نجح في الاستيلاء عليه من خارجه، فكانت الأمة الإسلامية للأسف منقادةً بغير إرادةٍ منها تواجه الحربَ العالميةَ الثانيةَ، وكان هذا الكلام في عام 1939م، وكان العالم كله يستعد لخوض غمار الحرب الضروس كما يقول الإمام البنا التي أكلت الأخضر واليابس.



في هذه الظروف الحرجة أدرك الأستاذ الإمام البنا- رحمه الله- أن من طبيعة دعوته إدراكه لواجبه إزاء أمته الإسلامية من ناحية، وإزاء العالم أجمع من ناحية أخرى؛ لأنها الرسالة الخاتمة والحلقة الأخيرة في سلسلة البعث، ولأن قرآننا هو خاتم الكتب ونبينا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء.

فمن طبيعة فهمه- رحمه الله- لهذه المهمة ومن فهمه لطبيعة دعوته أدرك الأستاذ الإمام أن عليه أن يقدم للعالم أجمع من خلال الإخوان المسلمين تلك الطليعة التي أعدها لتُخرجَ الأمةَ من مأزقها، فاستطاع أن يقدم ذلك المشروعَ الذي قدَّمه للعالم أجمع، ولذلك تجد أن هذه الرسالة هي الوحيدة في كل رسائل الأستاذ الإمام البنا التي يتكلم فيها بـ(أيها الإخوان المسلمون.. أيها الناس أجمعون) يخاطب العالم كله من خلال خطابه للإخوان؛ مما يدل أيضًا على إدراكه لعظم هذه المهمة، وإحساسه بقدر هذه الجماعة والكيان الذي أنشأه ليواجه به العالم من حوله.

قال الأستاذ حامد أبو النصر- رحمه الله- في مذكراته: إنه كان التقى بأحد الجنرالات الإنجليز عندما ذهب لسحب بعض المبالغ المالية من بنك باركليز في منفلوط (من أعمال أسيوط في صعيد مصر) فطلب منه المحاسب أن يقتطع جزءًا من المال لخدمة الجيش البريطاني وحكومة جلالة الملك (ملك الإنجليز)، فرفض السيد حامد أبو النصر أن يقتطع من ماله الخاص شيئًا من أجل المجهود الحربي للجيوش البريطانية ومن أجل خدمة حكومة جلالة الملك أو التاج البريطاني، ولما سأله الرجل عن سبب ذلك مذكِّرًا إياه أن كثيرًا من الأعيان والباشوات والبكوات وأصحاب الأطيان فعلوا ذلك، فقال إن إنجلترا خانت عهودها معنا، ففعلت بعالمنا الإسلامي كذا وكذا وكذا- ونقضت معاهدتها معنا، فقال الرجل أأبلغ هذا عنك؟! قال بلغه عني.

وذهب الرجل فعلاً ولم يمرَّ وقتٌ طويلٌ كما يذكر السيد حامد- رحمه الله- إلا واتصل به بعد أيام قليلة رجلٌ وعرَّفه بنفسه، وقال إنه الميجور باترك، قال له إنني قد جئت من قِبَل السفارة البريطانية، وأرجو أن أقابلك لأتفاهمَ معك في بعضِ الأمور، والتقى به فعلاً في قصره في منفلوط، وأخبره الرجل أن الحكومة الإنجليزية تحب أن تعرفَ آراءَ الشعوب الصديقة في سياستها، فتكلم الأستاذ حامد أبو النصر بما يُمليه عليه فهمُه وواجبُه الإسلاميُّ والدينيُّ عن بريطانيا وخيانتها لعهودها وعن موقفها من العالمِ الإسلامي وعن كذا وكذا، فلما سمع الرجل هذا الكلام قال له: هل أنت وحدك على هذا الكلام أو معك آخرون؟! فقال: إن هناك مائة شُعبة للإخوان المسلمين في صعيد مصر وفي أنحاء أسيوط كلها على مثل رأيي هذا، فاستأذن الرجل وانصرف، ولم تمضِ أيامٌ قليلةٌ أخرى حتى اتصل به جنرال آخر اسمه (لاندن) وطلب مقابلته مع الميجور الذي التقاه أول مرة، وجاء الرجلان فعلاً للقائه، وانتاب الأستاذ السيد حامد نوعٌ من القلق والريبة، واتصل بالأستاذ الإمام البنا وعرَض عليه القصةَ وملابساتِها، وخشي أن الأمورَ تكون قد اتسعت كثيرًا مما لا تحتمله تلك الفترة وتلك الظروف العصبية التي تمرُّ بها الأمة في ذلك الوقت، وقد يتأذَّى بذلك الإخوان أو يُساءُ إليهم أو يهدَّدُ وجودهم وبقاؤهم، فطمأنه الإمام البنا عبر مكالمةٍ هاتفيةٍ، وقال له: بالعكس، نحن فرحون جدًّا.. أنه عن طريقك ربنا يسَّر أن تصل دعوتُنا إلى هؤلاء (يقصد طبعًا الإنجليز والحكومة البريطانية)، وقال له إنني سوف أرسل لك خطابًا بالعربية والإنجليزية يُلقَى في حضرة الرجل عندما تدعوه إلى حفل شاي وتدعو إليه أيضًا أعيان البلدة.

وفعلاً نفَّذ ذلك الكلام السيد حامد أبو النصر, ودعا أعيانَ البلدة من الباشوات وناظر المدرسة والقاضي ووكيل النيابة وبعض الأعيان واجتمعوا في قصره، وفي الوقت الذي جاء فيه هذا الميجور والجنرال معه وعند دخولهم وضع السيد حامد صورة الأستاذ الإمام البنا في صدر القاعة، فلما دخل الجنرال نظَرا إليها وقالا: مَن هذا؟ فقال له السيد حامد أبو النصر: هذه صورة أبي الروحي، فقال: هل هناك فرق بين أبيك الروحي وأبيك العادي؟ قال: نعم، قال: ما هو هذا الفرق؟ قال: أبي الروحي إذا أمرني بشيء امتثلْتُ لأمره في التوِّ واللحظة، فأعجب الرجل بهذه الإجابة وأسرَّها في نفسه كما يقولون, واتخذ مقعده, وبدأت مراسم الاحتفال.

الشاهد من الكلام أن السيد حامد عندما بدأ يتكلم في الخطبة التي أرسلها له الإمام البنا, وكان قد ذكر له فيها هذا المعنى الذي نشير إليه, وهذا الدافع الذي دفع الإمام البنا- رحمه الله- أن يوجه هذه الرسالة من خلال الإخوان المسلمين للعالم أجمع.. أيها الإخوان المسلمون- أيها الناس أجمعون من فهمه لطبيعة دعوته أنها دعوةُ الإنقاذ للبشرية جميعًا، فذكر أننا جماعة الإخوان المسلمين نريد أن ننشئ أبناءنا على مبادئ القرآن، ومن غايتنا أيضًا أن يتمسك كل صاحب دين بدينه؛ يتمسك اليهود بيهوديتهم والنصارى بنصرانيتهم، وينشئوا أبناءَهم كذلك على مبادئ التوراة والإنجيل الصحيحة.. حينئذ يقوم في العالم المجتمع المتدين، فتنتفي الحروب التي أكلت الأخضر واليابس.

ولما سمع الرجل هذه الكلمات الوجيزات قام وتقدم إلى الصورة وخلع قبعتَه محيِّيًا، وأدرك أنه أمام عدوٍّ عاقلٍ وأنه وإن كان صاحب رسالة ولكنه يعرف كيف يقدمها للعالم من حوله، ولقد طلب الرجل مقابلةَ الأستاذ الإمام البنا، وعاد إلى القاهرة، وتمَّ اللقاء فعلاً مع الأستاذ الإمام، وعرض عليه مبلغًا من المال يستعين به على تصريفِ شئون دعوته ورفض الأستاذ ذلك؛ مما يدل على سعةِ عقلِه وأفقِه، وقال الجنرال الذي قدَّم المبلغ للإمام البنا: إن هذا من عادة بريطانيا أن تساعد أبناء الشعوب الصديقة على تصريف أمورِ دعواتهم، وغيرك من رجال الأحزاب يأخذون ذلك، فقال له الأستاذ الإمام البنا إن هذا سوف يكون ضدَّ مصلحة بريطانيا عندما يعلم الناس أنني آخذُ مالاً منكم.. نحن آثَرنا أن لا نمدَّ أيديَنا لأحدٍ، وأن نسأل الله، إن الله كان بكل شيء عليمًا، فشكره الرجل وانصرف عائدًا إلى السفارة البريطانية، وأخرج ملفَّه وكتب عليه: "حسن البنا أخطر رجل في العالم".


الإمام الشهيد حسن البنا

وبدأت عمليات المراقبة والمتابعة للأستاذ الإمام البنا من ذلك الوقت، رغم إدراك الرجل طبيعةَ العقلية التي يتعامل معها وأفقَها الواسع، إلا أنه بلا شك أدركَ خطورةَ بقائه، ولم يكن العالم الغربي كما يقولون يقف مكتوفَ الأيدي أمام هذا الرجل الذي شعر رجلُ الشارع بدعوته وحقيقةِ جهودِه وغايةِ حياته، فهتف من أعماقه ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(162)﴾ (الأنعام).

وكما يقولون لقد اعتدلت لهجة الكُتَّاب من تأثير هذه الدعوة القوية.. اعتدلت لهجاتُ الكُتَّاب وخَفَت روح الإباحية والإلحاد والجنس، واعتدلت لهجاتُ الكُتَّاب لتَجري مع الريح الإسلامية.
مفتاح هذه الرسالة يتلخص في أمور ثلاثة:
أولها: الدافع وراء هذه المهمة التي ألقيت على عاتقنا كما ذكر في (مهمتنا).
ثانيها: الحديث عن مهمة الإخوان المسلمين تحت عنوان (مهمتنا).
ثالثها: الوسيلة التي تتحقَّق بها هذه المهمة تحت عنوان (لو كانت لنا حكومةٌ إسلامية).

وبهذا أظهر الأستاذ الإمام البنا تصورَه للخروج بالأمة الإسلامية من مأزقها، وأن هذا لن يتمَّ إلا بمهمة تتلخَّص في إقامة وإعادة بناء الأمة من ناحية، والسلطة الإسلامية من ناحية أخرى؛ لأنه لن يتحقق للنظام الإسلامي هدفه ولن يحقِّق غايتَه إلا من خلال السلطة الإسلامية؛ ولأن المجتمع الإسلامي في حقيقته هو عبارةٌ عن مجتمع وحكم أو أمة وحكومة، فالمجتمع بغير حكومة أو بغير سلطة عاجزٌ ناقصٌ، والحكومة بغير مجتمع أو الحكومة بغير أمة وهْمٌ وسرابٌ، أو جَورٌ وظلمٌ؛ لأنه لا يمكن أن تُطبَّق أحكامٌ على أناسٍ لا تؤمن بهذه الأحكام ولا تنتمي إليها ولا يوجد بينها وبين هذه الأحكام أي نوع من المحبة والشعور.

فالنظام الإسلامي إنما يقوم على تلك الدعامتين: أمة وحكومة، أو مجتمع وسلطة، ومجتمع بغير سلطة عاجز ناقص لا يستطيع أبدًا أن يحقق هدفه، وهذه حقائق طبعًا كان الأستاذ الإمام البنا لا يخجل من التحدث عنها، أو يتردد في الحديث فيها، أو يتلعثم عند الإعلان عنها كما كان يقول الأستاذ سيد قطب- رحمه الله- ليس في ديننا ما نخجل من التحدث عنه أو التردد فيه أو التلعثم عند الإعلان عنه.

فالذي أدركه الأستاذ الإمام البنا أن الدافعَ وراء هذه المهمة التي تحدث عنها بعد ذلك إجمالاً وتفصيلاً هو لا شك السرّ في هذا القرآن الذي بين أيدينا: "السر في هذا القرآن الذي بين أيدينا هو أنه يضع في نفس كل مَن يقرأه ويؤمن به نزعةَ التبليغ وهي العمل له، وهو نوعٌ من الشعور بالمسئولية الأدبية تجاه ما يؤمن به ويعتزُّ بالانتسابِ إليه وهو القرآن الكريم، وهذا السرُّ لا يوجد في غيرِه من الكتبِ السماويةِ التي نزلت من قبل وفي الأديان السماوية التي نزلت من قبل" يقول مالك بن نبي في كتابه (الظاهرة القرآنية)- وهو يشير إلى هذا المعنى الخفيِّ الدقيقِ-: إن اليهود بصفة عامة ليست لديهم هذه النزعة.. نزعة التبليغ عن ديانتهم أبدًا.. لماذا؟! لأن المعجزة التي واكبت ظهور النبي موسى عليه السلام (وهي العصا واليد كما يقولون فضلاً عن المعجزات التي تمَّت في عهده) انتهت الحاجة التاريخية إليها، فلا ضرورةَ لها؛ ولذلك بمجرد فقدان هذه الحاجة انتزعت تلك النزعة من نفس مَن يؤمن بهذه الرسالة التي تعضِّدها وتؤكدها هذه المعجزة المادية التي انتهت بزوالها أو بالحاجة التاريخية إليها.. إنه بمجرد زوال المعجزة بموت النبي تنتهي الحاجة إلى هذه المعجزة، وبالتالي يفقد صاحبُ هذا الدين نزعةَ التبليغ؛ ولذلك لا نسمع عن يهودي يدعو إلى ترك الوثنية؛ ولذلك هو مجتمع متقوقع (مغلق على نفسه) رغم هذه السنين الطويلة.

وكذلك المسيحية بنفس القياس لديها هذه النزعة النفسية والتاريخية، فالمسيحي قلَّما يدعو؛ لأنه لا توجد نزعةُ التبليغ النفسية لديه.. أيضًا من ناحية انتهاء المعجزات التي واكبت ظهور المسيح عليه السلام وانتهاء الحاجة التاريخية إليها؛ لأنه في علم الله تمهيدٌ لدين آخر، فالمسيحية هذا الدين انتهت رسالته بموت نبيه أو برفعه، فلم تَعُد هناك نزعةٌ للتبليغ، وإن حدث- كما يقول مالك بن نبي رحمه الله- كان وراء ذلك أمور أخرى من المصالح والمطامع، فليست النزعة الدينية وراء التبليغ عن دينه، وإنما هي مصالح ومطامع من أجل السطوة والتسلط والاستغلال، أي نزعات استعمارية في الأصل، فضلاً أيضًا عن التشكيك في صحةِ الكتب السماوية.. إنه التشكيك في وجود هذه الكتب السماوية أصلاً.

ولقد أثبتت الدراسات الحديثة عن عدم صحة التوراة، كما يذكر مالك بن نبي في كتابه (الظاهرة القرآنية)، وكذلك بالنسبة للأناجيل فإن أساقفة مجمع (أنقيه) في القرن الرابع الميلادي ألغَوا الكثير منها؛ لأنه قد قُدم أكثر من 250 إنجيلاً في هذا المجمع، ولم يقبل إلا أربعة أناجيل، وقد زرع الشك حول المتبقي منها، وبالتالي انتفت نزعة التبليغ نفسيًّا وتاريخيًّا في هؤلاء فهي لم تعد موجودةً.. لكنَّ القرآنَ الكريم- ولا شك- أُنزل لِيَبقَى؛ ولأن الإسلام يحتاج إليه كوسيلةٍ من وسائل تبليغِه، موجودة مع كل مسلم يؤمن بالقرآن، ويستشعر المسئولية الأدبية تجاه ما يؤمن به ويعتز بالانتساب إليه، وهذا في الواقع هو حقيقة البلاغ وحقيقة التبليغ للناس أجمعين.

وهذا كان وراءَ اختيار الأستاذ الإمام البنا (الإخوان تحت راية القرآن) أن يتقدم بدعوته إلى الإخوان المسلمين وإلى الناس أجمعين، ولا شك أن أداء هذه المهمة- رغم صعوبتها- أكدتها السنة المطهرة أيضًا وليس فقط القرآن، وطبيعة القرآن والسرُّ الكامن فيه هو وجودُ هذه النزعة.. نزعة التبليغ والبلاغ والحركة بهذا الدين؛ من أجل قيام نظام يمثله؛ لأن أيَّ مبدأ إنما يمثله الذين يقيمونه أكثر من الأفكار التي تدعو إليه، وهذا هو شعورُ المسلم تجاه دينه، تمثيله كواقع وكحياة؛ لأن الناس بطبيعتهم والنفوس بفطرتها لا تؤمن بأي فكرة مجردة ما لم تتبلور في حياة، وتترجم إلى مجتمع، وتتمثل في نظام.. الناس بطبيعتهم هكذا، فمهما تكلَّمت معهم عن أفكار ما لم يكن لها تمثيلٌ في الواقع وليست مترجمةً إلى حياة وليست ممثلةً في نظام وليست متبلورةً في مجتمع فإنه يندُر الإيمان بها؛ لأن أي نظام إنما يمثله الذين يقيمونه أكثر من المبادئ التي تدعوه إليه.

والسنة المطهرة أكدت هذا المعنى أيضًا، وكما يقولون في الوقت الذي لاحَ فيه للنبي- صلى الله عليه وسلم- وقت الغروب في عرفات في حجة الوداع كان يبدو مرتحلاً عن الدنيا وهو يُلقي بوصاياه في خطبة الوداع بين تلك الجموع الصامتة الخاشعة التي كانت تستمع إليه، عندما صرخ فيها بصوته: ألا هل بلغت؟ فقالت تلك الجموع الخاشعة في صوت واحد: اللهم نعم، فقال: "اللهم فاشهد.. فليبلغ الشاهد منكم الغائب"، وكانت هذه وصيته- صلى الله عليه وسلم- الأخيرة: "ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب"، فالسنة المطهرة تؤكد على هذا المعنى وهو معنى التبليغ.. تلك النزعة النفسية التي يودعها القرآن في نفوس أصحابه، طبعًا الذين يقرأونه ويفهمونه ويعملون به.

أدرك الأستاذ الإمام البنا- وهو يحمل هذا الدين ويقدمه للناس- أنه أمام عالَمٍ مكتظٍّ بالأفكار والمبادئ وفي نفس الوقت منضبط بالنظام، بعيد عن الفوضى، وقد شرح ذلك في أول الرسالة عندما قال: في هذا الصخب الداوي من صدَى الحوادث الكثيرة المريرة التي تلدها الليالي الحبالى في هذا الزمان، وفي هذا التيار المتدفق الفيَّاض من الدعوات التي تهتف بها أرجاء الكون، وتسري بها أمواج الأثير في أنحاء المعمورة، مجهزةً بكل ما يغري ويخدع من الآمال والوعود والمظاهر.. نتقدم بدعوتنا في الوقت الذي يكتظُّ العالم ويتخم بالكثير من الأفكار والآراء والمذاهب التي تسري بها موجاتُ الأثير وتهتف بها أرجاء الكون، مجهزة بكل ما يغري من الوعود والآمال والمصالح والمطامع، وكثيرًا ما كان يقول: إن كل دعوة لها كتيبة مجهزة، تكشف غامضها وتبين محاسنَها للناس، وتُذلل سبل الوصول بها إلى لبِّ الناس وعقولهم في متاجرهم ومصانعهم وفي بيوتهم ومزارعهم؛ ولذلك عندما جاء يتقدم بدعوته كان حريصًا أن يمتلك حواسَّ عصره؛ بحيث يستطيع أن يواجه ذلك العالم المتخَم بالأفكار والآراء والمذاهب والعقائد؛ لأنه ليس كما يتصور البعض أنه عندما نعلن دعوتنا على الناس سوف يقبلها الناس جميعًا بمجرد الإعلان عنها وبسط الحق وعرضه أمام الناس.

والشيخ محمد عبده- وهو يتكلم عن الأنبياء في (رسالة التوحيد)- ذكر أنهم مؤيَّدون بالمعجزات برغم ما جاءوا به من الحق والصدق، ورغم ما عُرفوا به هم أنفسهم في مجتمعاتهم التي ظهروا فيها بقدرٍ من الصدق يفوق الخيال، والجيل المعتبر الجدير بالإعجاب هنا هو جيلُ الصحابة الكرام، الذين شرح الله سبحانه وتعالى صدورهم لهذا الدين، كما يذكر الأستاذ محمد عبد الله دراز في كتابه (النبأ العظيم): كبار الصحابة الذين استمعوا لدعوة الإسلام من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نفسه لم يسألوه عما يقول برهانًا؛ لأن محياه ينطق بالصدق، ومع ذلك يعلِّق الشيخ محمد عبده فيقول: ورغم أنهم مؤيدون بالمعجزات إلا أنه غالبًا ما يقترن ذلك بقصد البلاغ؛ لأنها تؤيد صدق ما ذهب إليه هؤلاء الرسل في دعوتهم، إلا أنها غالبًا تقترن بالإنكار، وهذا شيءٌ طبعًا ضد العقل ولكنها حقيقة الواقع، وهذا ما أدركه الإمام البنا رحمه الله.

إن القضية ليس مجرد أن تَعرض ما عندك، إنما أن تُحسن عرضَه كما قال عرضًا كريمًا لائقًا يتفق وروح العصر، كما قال إن كل دعوة وكل فكرة لها كتيبة مجهزة ودعاة مجهزون مدربون مثقفون، يكشفون الغامض، ويبينون المحاسن، ويذللون السبل.. سبل الوصول إلى القلوب والعقول في المتاجر والمصانع في المزارع والبيوت؛ ولذلك عندما جاء يقدم فكرتَه قدمها مدعمةً بالأدلة والبراهين؛ لِيُدلِّل على مدى صدقها، ومدى واقعيتها في نفس الوقت، ومدى فائدتها للناس؛ لأن الناس لا يمكن أن يؤمنوا بشيء إلا إذا أدركت وشعرت بفائدة المحافظة عليه، فليس هناك أحدٌ يؤمن بشيء إلا إذا شعر بفائدة المحافظة عليه لاعتقاده في صلاحيته من ناحية والشعور بفائدة المحافظة عليه من ناحية أخرى.. إنه عند ذلك يؤمن به ويعمل له ويبذل في سبيله أقصى ما لديه من جهد؛ لأنه حدث له الرضى والارتياح.

وهذا الذي كان يحرص عليه الأستاذ الإمام البنا أدرك هذا الواقع على حقيقته وأنه لا يتحرك في فراغ، كما قال: سوف يقف جهلُ الشعب بحقيقةِ دعوتكم عقبةً في طريقكم؛ لأن المشكلة الحقيقية لم تكن الإخلاص للقرآن، وإنما في الجهل بمبادئه؛ لأنها تربَّت على هذا الجهل وهذا نتيجةٌ لهذه الجهود الضخمة التي بذلها الأجنبي الغاصب في محاولة التدمير من الداخل، لدرجة أن الناس قالت إنه ليس هناك آيةٌ في القرآن تدل على الحجاب وغطاء الرأس.. كل هذه اجتهاداتُ فقهاء وشرحُ مفسِّرين، وليس فيها شيء صريح يدل على ذلك.. إنه الجهل بمبادئه رغم الإخلاص له، وكما يقولون فقد الإخلاص طابعه الفعال، فالناس تقرأ القرآن وتتبرَّك به ولكنها لا تستطيع أن تصوغ حياتها على أساسه.

إنها مشكلةٌ كبرى أدركها الإمام البنا رحمه الله، والسبب وراء ذلك أمران مهمان، لكن قبل أن نتحدث عنهما نقول لقد أدرك الأستاذ الإمام البنا أيضًا أنه أمام عالمٍ بعيدٍ عن الفوضى منظم مرتب منضبط تحكمه القوانين والمعاهدات والمصالح، كان له كلمةٌ جميلةٌ تحت عنوان (انتهاز الفرصة) يقول فيها: إن أعداءنا يحاربون ويرتبون- كان في وقت الحرب العالمية يحاربون ويرتبون- بين مؤتمر لندن وبونسدام، كان وقتها مؤتمرات وتصريحات ومحاضرات ومقالات وحكومات إثْر حكومات.

وهكذا تتأهَّب الدول الكبرى وتسير الدول الصغرى وأنتم موضع البحث والتقرير على مصالحكم، يشتد الجدل والخلاف وتتجه المطامع والآمال فعلام تنتظرون؟! في الوقت الذي أنتم فيه موضوع البحث والتقرير، فالعالم يحارب ويرتب، وما أشبه اليوم بالبارحة.

أدرك الأستاذ الإمام البنا أيضًا أنه يعمل في وسط عالم منظم بعيد عن الفوضى، تترتب المعاهدات والمصالح والقوانين والمؤتمرات؛ ولذلك لا يمكن أن يواجه هكذا، إنما يواجه بكيان منظم وفكر ناضج ودعوة ناضجة صادقة، تواجه هذه الدعوات التي تسري بها موجاتُ الأثير وتهتف بها أرجاء الأثير.

المشكلة الحقيقية
أدرك الأستاذ الإمام البنا- رحمه الله- أن المشكلة الحقيقية في الأمة تكمن في نوعين من الناس: النوع الأول: المتزمتون الجامدون كما كان يقول دائمًا، وهم الغافلون الجامدون، وهم للأسف كان يمثلهم علماء دين، الذين يذكرون بكل كئيب جامد، هؤلاء غفلوا عن طبيعة الواقع الذين يواجهونه، وظل عَرضهم للإسلام ذلك العرض الضيق المتراجع، لم يستطيعوا أن يقدموا الإسلام بذلك الفهم الواسع الفسيح الذي قدَّمه الإمام البنا رحمه الله، إنما قدموه وعرضوه عرضًا ضيقًا أوجد تلك الهُوَّة بين الناس، رغم إخلاصهم، وبين فهم هذا الدين؛ لأنهم اعتبروا أن كل محاولة لفهم الشريعة إنما هي تهجُّمٌ على حرمة الدين، وبذلك أغلقوا باب الاجتهاد، وتصوَّروا أن الدين نزل مرةً وللأبد، وشُرح مرةً للأبد؛ ولذلك لم يحاولوا استخراجَ ما فيه من الحكمة والأفكار العظيمة التي تُخرج الأمة من مأزقها.

والنوع الآخر: وهو ذلك الجيل المخضرم الذي أشار إليه الأستاذ الإمام البنا بأنه إلى غير الإسلام أقرب، وهم المثقفون أو أبناء أوروبا المدللون كما يقولون، الذين تعلموا في الغرب ورجعوا وكل رءوسهم ممتلئة بأفكار تلك الحضارة وثقافتها وبتقاليدها كذلك وبأساليب عيشها، وأرادوا أن ينقلوا ذلك للأمة، يدفعوا الأمة عن مغافلة منها- كما ذكر الأستاذ الإمام- لا إلى ما أرادوا، بل إلى ما ألفوا الشيء الذي تعودوا عليه وتربوا عليه عندما كانوا يتعلمون هناك، وهذه كانت آفة حقيقية وهي قبول الحضارة الغربية بكل ما فيها من سمين وغث، وهذه كانت دعوة بعض كبار الكتاب والمثقفين في ذلك الوقت، قبولها بكل ما فيها من أجل النهوض، وكانوا متصورين أن النهوض لن يتمَّ إلا باتباع أسلوب الحياة وليس أسلوب العمل.

ولذلك عملوا على تنمية الغرائز، ولم يطوروا الإمكانات للأسف الشديد، فشاعت الفوضى وانتشر الفساد والإباحية، كما يقول عزت بيجوفتش في كتابه "الإعلان الإسلامي": هذا الصنف من الناس الذي وصفه الأستاذ الإمام البنا بذلك التعبير المهذب هو جيلٌ مخضرمٌ إلى غير الإسلام أقرب، وهذه من ممادح أهل العلم كما يقولون إنهم يخطئون ولا يفسقون أو يفجِرون.. إنهم كانوا ينادون بإلقاء كل ما هو إسلامي أو كل ما هو بالٍ من الأفكار والعادات والأساليب والعوائد كي تستطيع أن تنهض، فلا بد أن تأخذ الغرب كله (الحضارة الغربية كلها) ليس فقط من جانبها المادي فحسب، إنما بجانبها الروحي كذلك أو الثقافي ومنظومة الأفكار والعادات والتقاليد والآراء والمذاهب وأساليب العيش. وهذه هي التي أحدثت الهوة الضخمة جدًا أو ما يعرف بالعطالة المتبادلة؛ لأن الجماهير التي كانت راغبة في خدمة الإسلام أو التمسك بدينها أو أن تصوغ حياتها على أساسه لم تعرف كيف تفعل ذلك أمام علماء الدين الجامدين وأمام هؤلاء المخضرمين الذين هم إلى غير الإسلام أقرب.

والأمة أصبحت في هذه العطالة المتبادلة، يتقدم المشروع تلو المشروع ولا ينجح أبدًا والسبب في ذلك أنه يخالف روح الأمة التي ترتبط بالإسلام عن محبة وشعور لا عن فكرة وقانون، فكل ما يقدم لها بعيد عن هذه الروح، وبالتالي هي خاملة كسولة أمامه ولا يعرف أحد سبب هذا الخمول وهذا الكسل، وظُن أنه نوع من الميل الفطري إلى الابتعاد عن كل جديد غريب- ولكن هي في الحقيقة مشكلة- الحقيقة هي رفض ذلك المثل الذي يقدم لها، لأنه بعيد عن دنيها، ولذلك لم تقابل مثل هذه المشاريع الكثيرة التي قدمت من أجل خروج الأمة من مأزقها إلا بالكراهية والمقاومة، لأنها كانت كلها تجمع على غير الإسلام، وكان يدفع الناس دفعًا إلى التزام هذه المشاريع أو محاولة تحقيقها في واقعهم، وكانت النتيجة الفشل الذريع؛ لإحساسهم أن الذي يقدم بعيد عن دينهم، وهذا دليل فعلاً على ارتباط الأمة بدينها وإخلاصها لقرآنها، رغم أنها لا تعرف كيف تظهر هذا الإخلاص وكيف تحمل هذا الدين الذي تؤمن به والذي تعلن اعتزازها بالانتساب إليه كلما تحين الفرصة لإمكانية تحقيقه.

إن رجل الشارع العادي مستعد للتضحية وتحمل الأذى، إذا بدت من أي جماعة أو أصحاب مشاريع إمكانية تحقيق الإسلام، ذات مرة جمال عبد الناصر في إحدى خطبه بدأها بالحمد لله فصفقت الجماهير تصفيقًا حارًّا، ولم يكن هذا من عادته، وأخذت الجماهير تصفق تصفيقًا مثيرًا للدهشةِ والإعجاب، وإن دلَّ فإنما يدل على صلتها بالإسلام عن محبة وشعور لا عن فكرةٍ وقانون رغم كل مظاهر الانحراف أو البعد عن الدين، ولكن هذه هي حقيقة النفوس، والسادات في خطبة كان متعودًا أن يبدأ ببسم الله وبعض الآيات، ويختمها أيضًا بقوله ﴿رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)﴾ (آل عمران)، وكان يجد من ذلك القبول من عامة الناس، لارتباطها أيضًا بالدين.

إمكانية تحقيق الإسلام وإن بدا في مثل هذه الشعاراتِ وإن لم يسنده شيء من الواقع، لكن مجرد أن يبدو في شيء من الشعار فإن الأمل يعود للناس، ويعني ذلك أنها ممكن أن ترتبط مرةً أخرى بدينها وتصوغ حياتها على أساسه؛ لأن هذا في أعماقِ النفس مطلبٌ إلهي.



القرآن دستور حياتنا
إن الإنسانَ يعيش وفق مثله الأعلى ولله المثل الأعلى ثم لدينه ولقرآنه، فالناس مرتبطة بكتابِ ربها وبسنة نبيها، وكلما أتت فرصة للتعبير عن ذلك، فإنها تسرع في التعبير عنه. وأقرب شيء كلنا لاحظناه لما تحجبت إحدى مذيعات الفضائيات، وترى هذا الترحيب الضخم الذي حدث من القدس إلى مكة المكرمة، كذلك آلاف المصلين في ليلة القدر في رمضان- لأن هذا الكلام قد حدث في ليلة القدر- آلاف المصلين كانوا يدعون لها، وتكلم أناس في البرنامج وقالوا بلغوها أن الآلاف المؤلفة في المسجد الحرام تدعو لها وتبارك لها ما فعلت، وكذلك في القدس، حيث صلى الناس في المسجد الأقصى ليلة القدر وفعلوا هذا وأرسلوا برقياتِ التهنئة، وكُتب ذلك في الصحف العلمانية، وذلك إن دل على شيء إنما يؤكد على هذا المعنى الذي أدركه الأستاذ الإمام البنا رغم مظاهر الانحراف لكنه كان دائما يكرر: "لا تزال عناصر السلامة صالحة قوية في نفوس شعوبكم المؤمنة الفتية، وإنها لم تقطع صلتها بالقرآن رغم أنها لم تستطع أن تصوغ حياتها على أساسه.

حقيقة الدين
ولذلك عندما قدَّم فكرتَه أراد أن يخرجَ من ذلك المأزق الذي وقع فيه مَن سبقه، الذين كرَّسوا الجمودَ فأغلقوا بابَ الاجتهاد، واعتبروا أن كلَّ محاولة لفهم الشريعة فهمًا واسعًا فسيحًا، كحرمة التهجم على الدين، ولذلك أغلقوا باب الاجتهاد، فظل الدين يراوح في مكان واحد، وكأنه غير قادرٍ على النهوض بالناس، ليس فقط النهوض الروحي إنما النهوض المادي كذلك، وأن هذه هي طبيعة هذا الدين، والذي نبَّه إليه الأستاذ الإمام البنا، وقال: "إن المادة تخدم الروح في ديننا، ليس هناك جهدٌ روحيٌّ يتم إلا بجهدٍ ماديٍّ"، وقد عبَّر عن ذلك بقوله: "إن الفقر المحض يجعل النهوض الروحي أمرًا غير ميسور"، ولذلك أدرك أن الإسلام يكوِّن المجتمع ويكوِّن الإنسان بجانبه الخلقي والروحي، وفي الوقت الآخر ييَّسر له حياتَه الماديةَ والنهوض بها كذلك، وهذه هي طبيعة الإسلام عندما يحاول أن ينهضَ بالإنسان ليس فقط يعتني بذلك الجانب الروحي أو الأخلاقي أو التعبدي فحسب، إنما يعتني أيضًا بالجانب المادي وييسره ويعين على النهوض به كذلك، هذه هي غاية الدين وذلك أن كل نهوض روحي إنما يتم بجهد مادي، فالصلاة تبدأ بالوضوء وهو عمل مادي يتمثل في (الطهارة)، ولأن أعظم شيء عن التعبير الروحي وصلة الإنسان بربه هي الصلاة، ولكنها لا تتم بجهد روحي فقط، إنما بجهد مادي أيضًا (الطهارة والوضوء) ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)﴾ (البقرة).

وكذلك الصيام، نفس الصورة.. جهدٌ ماديٌّ من أجل الامتناعِ عن الطعامِ والشراب ابتغاء الجزاء من الله عز وجل، وكذلك الحج جهدٌ مادي ضخم، لكي يحققَ ذلك المعنى الروحي أو النهوض الروحي، فهذه حقيقة الدين، وهذه طبيعة الإسلام وفلسفته.

إن كلَّ جهد روحي يتم بجهد مادي، وبذلك ترتبط الحضارة بالثقافة في الإسلام كما يقولون، فهي ليست منفصلةً عن الروح، فالمادة تخدم الروح، وهذا هو الذي يجعلنا لسنا كغيرنا من الدعوات كما ذكر الإمام البنا في آخر الرسالة "هذه منزلتكم, فلا تصغروا في أنفسكم, فتقيسوا أنفسكم بغيركم, أو تسلكوا في دعوتكم سبيلاً غير سبيل المؤمنين, أو توازنوا بين دعوتكم التي اتخذت نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسوله، بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات، وتذهب بها الحوادث والأيام"، فليس عندنا هذا الفصام النكد بين المادة والروح، وهذا الذي أدركه الأستاذ الإمام البنا رحمه الله، لذلك وهو يكوِّن هذا الكيان، كان واضعًا نصب عينيه ليس فقط تربية الإنسان هذه التربية التي كرست القدرات العقلية والفضائل الخلقية، إنما من الجانب الآخر.. تيسير حياته وتيسير النهوض بها، ولذلك كان هناك نظام التعارف والتكافل والتفاهم الموجود والقائم، فكان حرص الأستاذ الإمام البنا أن يجعله- مثلما تكلم عن التكافل- بحيث لا يشعر الإنسان أنه في المجتمع مخزون محروم يشعر بالوحدة والغربة و الجفوة والخذلان و الحرمان. صورة عملية، ولذلك عندما جاء يتكلم عن التكافل قال: وهو حقيقة الأخوة وصريح الإيمان؛ لأن هذا هو الذي يجعل الصف متماسكًا، لأن (الفقر المحض يجعل النهوض الروحي أمرًا غير ميسور).

وكان بعض إخواننا يحكى هذه القصة: لما دخل الإخوان السجون في عام 1954م كُلِّف أحد الإخوة وهو من الإخوان القدامى، كان شابًّا وقتها في الثانوي لما حدثت المحنة في عام 1954م، وكُلِّف من مسئوليه أن يرسل مبلغًا من المال (عملية التكافل) لأخوين من الإخوة مسجونين يقضيان خمسة وعشرين سنة في السجن، فذهب إلى عائلة الأول منهم، فوجد أسرةً فقيرةً تعيش تحت خطِّ الفقر في قريةٍ من القُرى التابعة للجيزة في ذلك الوقت، ولما طرق الباب وجد أمًّا كبيرةً عجوزًا وعليها آثار الفقر والحرمان والعوز، ولما فتحت الباب وجد إخوةً صغارًا شبه عرايا، وقال أنا جئت بالمبلغ هذا من فلان (ابنك الذي في السجن) فسبَّت ولعنت وقالت له: أنتم الذين فعلتم فيه كذا وكذا، وتحمَّل بعض الإيذاء وتركها وانصرف، وذهب للأخ الآخر ووجد أسرةً مستريحةً كما يقولون: الكرامة لا الرفاهية، تعيش عيشةً كريمةً ليست مرفهةً طبعًا، تحتاج إلى بعض المساعدة القليلة، فلما فُتح له قابلته زوجة الأخ الذي كان في السجن، فرحَّبت به ترحيبًا كبيرًا، فوجد البيت معقولاً (مستور الحال)، وكان عنده ثمانية أولاد أكبرهم في الابتدائي، ولكن قابلته مقابلة طيبة وشكرته ودعت له أن "ربنا معكم ويفرج كربتكم".

فيقول أدركت أن صاحب البيت الأول لن يستطيع أن يستمر في السجن، فظروف الأسرة على هذه الحالة سوف تضغط عليه، أما الآخر فيمكن أن يستمر ويصبر ويثبت.

فالتكافل حقيقة الأخوة وصريح الإيمان- كما قال الإمام البنا- إنه لن يتخلَّى أحدٌ عن أخيه، ويكمل الأخ قائلاً: وبعد سنوات قصار هذا الأخ صاحب هذا البيت الفقير المعدم المعوز تنكَّر لمبدئه، وأيَّد الحكومة فيما عُرِف بمحنةِ التأييد لكي يخرجَ من السجن بعد خمسِ سنوات بعدما كانت تنتظره خمسة وعشرون سنة وراء الأسوار، فشقَّ طريقًا بعدما خرج بعيدًا عن الدعوة تمامًا، وأما الآخر فثبت وعاش اثنين وعشرين سنة، ولقد رأيته في السجن، كل الأولاد الصغار كبروا والبنات تزوجن، والأولاد الذكور تخرجوا، الذي أصبح طبيبًا والذي أصبح مهندسًا، والرجل ثبت وخرج وظل مرتبطًا بدعوته حتى وافاه الأجل ومات رحمه الله بعد خروجه من السجن بفترة وجيزة، بعد اثنين وعشرين عامًا.

بين الفقر والنهوض
فلا شك- كما يقول الإمام البنا-: إن الفقر المحض يجعل النهوض الروحي أمرًا غير ميسور.. كيف أمشي معك وأنا لا أجد الأكل.. هل هناك أناس ثبتت؟ نعم. ولكن قلة قليلة. إنما أنت تتكلم عن عموم الأمة، ولذلك تحدث الأستاذ الإمام مع علي ماهر باشا رئيس الوزراء وهو يشرح له حال الأمة أنها أمة متعَبة. ويقول له كيف تنهض، وأنتم تسرقونها وتنهبونها ولا تعطونها إلا الفتات، وتطلبون منها أن تنهض معكم. وقال هذا الكلام في رسالة وجهها إلى علي ماهرباشا في ذلك الوقت وقال له هذا النص الذي ورد في الرسالة "إن الفقر المحض يجعل النهوض الروحي أمرًا غير ميسور"، ولذلك إن الإسلام لما جاء وهو يرتب عملية النهوض الروحي، فإنه يرتب عملية النهوض المادي أيضًا لتسيير الحياة.

ولعلي عزت بيجوفيتش كلمة جميلة يقول: لأن هذا الدين دين دنيوي مرتبط بالحياة والعيش، فهو يقبل كل ما يغير وجه الحياة بشرط أن يتوافر فيه عنصرين:
1- أن يكون إنسانيا لأقصى الحدود.
2- وأن يكون فعالا بلا حدود.

وهذا الكلام هو ما يقوله الإمام البنا.والإسلام يرحب بالصالح النافع من كل شيء؛ يرفع قدر العلم والعلماء. ألا إنه الإنسان الناجح كما يقول عزت بيجوفيتش (الإنسانية الفعالة)، وكما يقول حسن البنا عنه (النافع الصالح).

والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.

فكل ما ينضر وجه الحياة وييسرها، ينبغي عدم تقييده أو الغاؤه وهذا هو الذي فهمه حسن البنا وهو يربي هذا الجيل لكي يخرج بالأمة من مأزقها. إنه لم يربه على الخلق الحسن والاستقامة الصارمة فحسب، إنما رباه على العقل المستنير والحياة الكريمة إنها الكرامة لا الرفاهية كما يقول الإمام.

فليس كل الناس أغنياء، لكنهم من حقهم أن يعيشوا كرماء، أن نوفر لهم هذا الحد (حد الكرامة لا الرفاهية).

وهذا هو الذي حاول أن يوفره، ولذلك كانت عملية الاشتراك والدعوة، فأنت لا بد أن تساهم في الدعوة بجزءٍ من مالك مهما كان ضئيلاً، وأن تدخر منه للطوارئ وألا تتورط في الكماليات. وهذه المعاني كلها لكي يقيم مع ذلك الكيان والبناء تربية الإنسان لا بد أن يقيم هذا الجانب المادي وييسره، لكي يضمن بذلك استمرار ذلك النهوض الروحي الذي ينادي به.

بين الروح والمادة
وهذه هي حقيقة تبشر بها دعوتنا نفسها وديننا، عندما يكون الجهاد الروحي لا يتم إلا بصورة مادية.

وهذا أبرز صوره له في الصلاة- فهي لا تتم إلا بالطهارة والوضوء. في الوقت الذي يكون في غيرها من الأديان (الديانات الأخرى)،هناك ما يسمى بالقذارة المقدسة يتفكر الرهبان بأنهم لا تمس أقدامهم الماء إلا لعبور الأنهار فقط إنما الماء لا يمس جسدي أبدًا وسموها القذارة المقدسة، لأنها هدم للبناء المادي للجسم والبدن، ومحاولة الابتعاد عن مطالبه المادية وحرمانه منها- والنصرانية عندها نوع من التأمل فقط والتفكر لا تحتاج إلى كل هذا الجهد. لكن الإسلام جاء بشيء مخالف تمامًا0 مع أن ديانتهم هكذا. ويكفى أن يوحنا يسمى (سيدنا يحيى) أو (يوحنا المعمداني) أو (المغتسل)، وذلك لكثرة اغتساله بالماء، لكي يبعد عنهم الأفكار الغريبة هذه التي جاءت إليهم من موروثات الفلسفات القديمة، هذه الأفكار البالية التي ليست من طبيعة الدين، إنما التحريف الذي لحق به ولحق بكل شيء.

لكن الإسلام ظل محفوظًا (الجهد الروحي يتم بجهد مادي) الوضوء بالماء أو التيمم جهد مادي، الصيام جهد مادي وجانب روحي، الحج كذلك، في الزكاة جهد مشقة وعمل وإدخار ثم إنفاق للمال من أجل المنفعة العامة والاقتطاع منه من أجل النفع العام، حتى لا يشعر الإنسان في المجتمع الوحيد الغريب أبدًا أنه وحيد فريد، أو يشعر بالغربة أو العزلة، وفي نفس الوقت لا يشعر بالخذلان والحرمان، ليس هناك مجهول يرتقى بمجهول.

ارتباط المحبة والشعور
لقد بُنِي الإسلام على الحب والتعارف، أراد الأستاذ الإمام البنا أن يظهر هذا الكيان ويظهر سماتِه بهذه الصورة، في الوقت الذي قدَّم فيه الأستاذ الإمام البنا مشروعَه لكي نخرجَ بالأمة من مأزقها، اعتمد أساس الدين، إنه أدرك أن الأمة ترتبط به في أعماق نفسها ارتباط المحبة والشعور وليس الفكرة والقانون، ولذلك بمجرد أنه يرى محاولة تحقيق أو إمكانية تحقيق الإسلام تجد رجل الشارع العادي يسرع في إبداء استعداده للكفاح وتحمل الأذى، وبخاصة عندما يرى الصدق فعلاً في هؤلاء حملة المشاريع، الذين هم يقدمون له مشروعهم الحضاري لإخراج الأمة من مأزقها.. هذا ما أدركه الأستاذ البنا، فقدَّم المشروعَ أو فكرتَه على أساس القرآن، تحت راية القرآن، وأساس تعاليمِه، كي يجدَ في النفوس ذلك الاستعدادَ الذي وجده عندما قدَّم دعوتَه للناس في تلك الظروف العصيبة التي كانت تمر بها الأمة من التخلف ومن السلبية ومن الخمول ومن التراجع ومن الانحطاط.

الإنسان والقانون
أدرك أيضًا الأستاذ الإمام البنا- رحمه الله- أن القوانين لا يمكن أن تنشئ نظامًا صالحًا أبدًا، لأن المجتمع لا تنظمه القوانين، ولكن الذي ينظمه هو الإنسان، وهذا يجعل مهمتنا أيضًا غير مهمة غيرنا من الدعوات، كما كان يقول الأستاذ الإمام البنا: ولا تزنوا دعوتكم بغيرها من الدعوات؛ لأن هناك فرقًا كبيرًا بين المجتمع الذي يتصوَّر الغربيون الماديون أنه تنظمه القوانين، وبين الإسلام الذي يعلم أن المجتمع إنما ينظمه الإنسان (يقوم على الإنسان)، بل بالعكس- كما يقول علي عزت يجوفيتش-: كثرة القوانين في مجتمع ما، تعني شيئًا باليًا.

وهذا يفسِّر قلة القوانين في القرآن الكريم، لأنه بدأ بالإنسان أولاً، ككيانٍ يصلحه يربيه على هدفٍ كبيرٍ هو الإيمان، ويربيه على واجبه و مسئوليته الأدبية تجاه هذا االدين وهذا الإيمان.

أما المجتمعات المادية فإنما تعتني أكثر بكثرة القوانين التي تعني أنَّ في المجتمع شيئًا باليًا، إنَّ هناك شيئًا ما يسير بشكلٍ خاطئ في حياتنا عندما تكثر القوانين، ولذلك كما يقولون إنه بآيةٍ واحدة انتهت ثلاث صور من صور المعاصى التي عمَّت أرجاءً كبيرةً من العالم وقت خروج النبي- صلى الله عليه وسلم- وهي (القمار والميسر والسحر والخمر) هذه المعاصي الثلاثة انتهت كلها بآية واحدة، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: 90) بمجرد أنها ذكرت في سياق المحرمات، انتهى كل شيء، لماذا؟ لأن الإنسان كان قد تربَّى، وكما يقول الشيخ الغزالي: أدرك النبي- صلى الله عليه وسلم- أن الإناء المثلوم لا يمسك ثؤرًا، فصحح الكيان الإنساني لكي يمسكَ قيم هذا الدين، صححه بالإيمان من ناحية وبالمسئولية الأدبية تجاه هذا الإيمان من ناحية أخرى، وقام بعد ذلك المجتمع على قلة من القوانين التي حفل بها القرآن الكريم، السيدة عائشة تذكر هذا المعنى وتقول إن أول ما نزل من المفصل آيات في ذكر الجنة والنار، ولو نزل: لا تزنوا، لا تسرقوا، لا تقتلوا لما آمن الناس.. إنما أول ما نزل آيات فيها ذكر الجنة والنار، لكي يقيمَ ذلك الكيان الإنساني ويصححه بمعرفة الله عز وجل، والشعور بالمسئولية الأدبية تجاه هذا الدين، وظل الصحابة الكرام يشعرون بمسئوليتهم تجاه هذا الدين سواء من المهاجرين أو الأنصار.

فالأنصار لما بايعوا الرسول- صلى الله عليه وسلم- في بيعة العقبة، قالوا: يا رسول الله اشترط لنفسك ولربك ما شئت، ثم اشترطوا هم عليه ألا يرجعَ إلى قومه عندما ينصره ربه، وهذا يؤكد معنى أنهم محافظون على صفقتهم التي عاهدوا عليها الرسول- صلى الله عليه وسلم- في حياتهم ومماتهم، يظلون متحملين هذا اللقب وليس منهم أحد يرضى أن يرجع الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى قومه بعد النصر، وهم يستريحون ويرجعون إلى ذويهم ومصالحهم.. بايعوه على ألا يرجع، لكن شعورهم أنهم أعطوا صفقةً لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ألا يسبقنكم إليه يهود.

وكانوا يرون أن البيعة معناها "صفقة" ليس من الممكن أن يدعوها أبدًا (والله لا ندع هذه البيعة أبدًا) كان كلامهم هذا "لا نقيل ولا تستقيل" ولا ندعها أبدًا، طول حياتهم، حتى بعد النصر اشترطوا عليه أن يرجع معهم وقالوا له ندفع عنك ما ندفع عن نسائنا وأسرنا وأولادنا.

وكذلك المهاجرون لما عادوا إلى مكة لكي يؤدوا النسك مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- في عمره القضاء وفي الحج بعد ذلك- يذكر الرواة- بأنهم كانوا يتحرجون أن يقيموا في مكة فوق ثلاث، شعورهم بالانتماء لهذا الدين، وأنهم لما هاجروا أعلنوا شيئًا عظيمًا جدًا، يوم أن كانت البشرية في حاجةٍ إليه وهو الإعلان عن الانتماء إلى فكرة وعقيدة، لا إلى أرضٍ ووطن، ولذلك ظلوا مصرين على أن يظل هذا المعنى قائم في النفوس، تتطاول فيه البشرية ما استطالت، وظلوا على هجرتهم، فكانوا يتحرجون بعد أداء النسك أن يمكثوا في مكة فوق ثلاث، ولم يدخل أحد منهم كما يذكر أصحاب السير دارًا من دوره التي تركوها عندما هاجروا، ولا بيتًا يحاول أن يستردها، وهذا إعلان منهم بالتمسك بالهجرة التي معناها الانتماء للفكرة والعقيدة لا إلى الأهل والوطن. هذا هو معنى الهجرة.

الثلاثاء، أكتوبر 19، 2010

الأستاذ لاشين رجل كالجبل .....




ألتقيته في مارس الماضي في أحد اللقاءات .. رغم أنه قد تجاوز الثمانين من عمره إلا أنني شعرت في كلامه ونبرة صوته وكأن شاباً في الثلاثين من عمره , قوة شخصية وفطنة وذكاء وسرعة بديهة وذاكرة قوية , لم أتعجب عندما قرأت بعض الصحف ووسائل الإعلام تصفه " بالرجل الأسد " هو فعلاً من طراز فريد فتاريخه ونضاله وجهاده يشهد بذلك ...



من هو ؟!


الأستاذ لاشين على عبد الله شنب وشهرته لاشين أبو شنب مواليد 25 يونيو 1927م في شبين الكوم، محافظة المنوفية. عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، أستاذ اللغة العربية تعلم في الأزهر الشريف وتخرج في كلية دار العلوم جامعة القاهرة عام 1953، عمل أستاذا للغة العربية في الكويت وفي السعودية بجامعة محمد بن سعود، التحق ب(الإخوان المسلمين) عام 1941م.


التحق بالأزهر وهو صغير السن باستثناء من شيخ الأزهر لحفظه القرأن الكريم. كان رئيس اللجنة التنفيذية لمعهد شبين الكوم الدينى الخاصة بمساندة شيخ الأزهر الشيخ مصطفى المراغي. مسئول الجوالة قي كلية دار العلوم خلال أربع سنوات. عضو النظام الخاص وشارك قي الأعمال الفدائية قي القنال 1951م كما شارك قي الإعداد وجمع الأسلحة قي حرب فلسطين 1948م. اعتقل اكثر من مرة فقد اعتقل أيام الملك فاروق لمدة ثلاثة اشهر واعتقل قي أحداث سبتمبر 1981 وفى 1995.


سافر إلى السعودية للعمل قي جامعة الإمام محمد بن سعود لمدة خمس سنوات. عمل قي حقل التدريس وتدرج قي مناصب التربية والتعليم حتى وصل إلى مدير عام إدارة بعدها أحيل للمعاش على سن 65 سنة. اخذ المدرس المثالى قي وزارة التربية والتعليم على مستوى الجمهورية وزار أمريكا اكثر من 7 مرات وفرنسا مرتين وإنجلترا والنمسا وألبانيا وكرواتيا واليونان مرة وألمانيا وتركيا مرتين وكل الأقطار العربية. مارس الخطابة وكان يمارسها وهو قي المدرسة الإلزامية.




سألته ذات مرة عن بعض الشائعات التي تروجها بعض الصحف عن وجود قلاقل وخلافات ونزاعات في صفوف الإخوان المسلمين , غضب وأنفعل وقال لي في حدة : إذا أردت أن تعرف من أنا ! فاسمع مني فليس كل ما يقال صحيح وليس كل ما يكتب في الصحف حقيقي بل هناك من يكتب ويروج الشائعات ليشوه صورة الإخوان المسلمين في المجتمع


- بعضاً مما قاله الأستاذ في لقاءنا به في مارس الماضي


- إن دعوة الإخوان المسلمين كانت محاولة لإستعادة صفاء النفس ووضوح القصد فيما نقوم به من أمور العبادات قبل كل شئ لأنها الدعوة التي جاء بها رسول الله صلي الله عليه وسلم , فلم يأتي بشؤون الدنيا ولكنه أتي بشؤن الأخرة فكانت الدنيا تابعة له ..


- كان يقدم حق الله قبل كل شئ فلم يقدم رغبة في الدنيا دون أن تكون تابعة لعلاقة بينه وبين ربه فالأصل كان الله قبل كل شئ , فكان لا يعالج من دنياه إلا ما اتفق مع امر ربه لذلك


وذلك يعود بنا إلي سالف العهد في شئون دعوتنا لأن شئون دعوتنا كانت من قبل علي غير ما هي عليه الآن , شابتها نواحي تقصير كلنا يشهد بها وكلنا يعرفها , ومحاولة إصلاحها يقتضي التعرف عليها , لأن كثرة الإخوان واتساع الرقعة للدعوة وتعدد أماكنها ومداخلاتها في أمور الحياة شغل كثير من الإخوان علي ما يجب أن يكون من طاعة الله , فشغلت الأمور السياسية والإقتصادية والإجتماعية علي ما كان عليه الإخوان .


قد يري كثير من الإخوان أن إتساع الحركة وما يترتب عليه من ظهور للإخوان وغلبة كما نراها بصوت مسموع وتجمعات كثيرة لم تكن موجودة من قبل مثل مجلس الشعب وكذلك المخالطة في أمور سياسية أو إجتماعية وغيرها .


قد يري الكثيرين أن ذلك ميزة للجماعة , وهذا يقتضي أن نقف مع أنفسنا وقفة , هل كل هذه الأمور مع كثرتها وضخامتها من خلال قيم دينية ترتبط بها قلوبنا أم أنها منعزلة عن كل ما يرتبط بطاعة الله .. هل النجاح في مجلس الشعب مرتبط بطاعة الله أم مرتبط بنواحي تنظيمية .


- لم نكن نستحضر المقومات الحقيقية التي تنادي بأن الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا , فمنطقنا يجب أن تكون طاعة الله هي الأساس , والتقصير ليس عيباً في ذاته وإنما يكون مع الإستمرار عليه مع المعرفه به ...




*** أعمال الدنيا ما لم تكن مرتبطة بطاعة الله عز وجل مهما كانت فلا قيمة لها عند الله .إذن العودة إلي قوانين الطاعة بحدودها التي حددها الله وهي إخلاص القلب وسلامة الضمير وحياة القلب , وحينئذ لابد أن تترجمها أعمال .








الثلاثاء، أكتوبر 12، 2010

سعودية ليست سعودية

منذ فترة قرأت مقالاً لكاتبة سعودية في إحدي الصحف وكم وجدت رائحة العفن التي تفوح من كلامها فهي متشبعة بعلمانية عمياء وقد تربت علي أفكار ليبرالية متحررة هادمة


رفع احد اعضاء مجلس الشعب المصري دعوى ضد صحيفة "المصري اليوم" الخاصة لنشرها مقالا للكاتبة السعودية نادين البدير تساءلت فيه عن مبررات السماح للرجال بتعدد الزوجات وتحريمه على النساء.
وادان عدد من رجال الدين المقال ووصفوه بانه معادي للاسلام ومثير فيما اشار اخرون الى ان المقالة تلقي الضوء على المعاملة السيئة التي تلقاها النساء على يد بعض الازواج.
ويعتقد ان الهدف من المقال كان احداث ضجة في الشارع المصري وهو ما تحقق.
وقالت البدير التي تعمل قي قناة "الحرة" التلفزيونية الامريكية الناطقة بالعربية ان المساواة بين الرجال والنساء يجب ان يشمل حق النساء في تعدد الازواج اسوة بالرجال والا يجب منع الرجال من تعدد الزوجات.
وقالت البدير ان الحجج التي يسوقها الرجال لتعدد الزوجات مثل الملل وتراجع الرغبة الجنسية لديهم نحو زوجاتهم تنطبق على النساء ايضا.
ورد بعض رجال الدين في مصر على مقال البدير بالقول ان ليس من حقها "التهجم" على القيم الاسلامية و يجب ايقافها من الاستمرار في ذلك.
كما اعلن احد اعضاء مجلس الشعب المصري عن رفع دعوى ضد الصحيفة التي نشرت المقالة بتهمة "نشر الرذيلة".
لكن احد رجال الدين اتخذ موقفا مغايرا وقال ان المقالة لا تدعو الى تعدد الازواج للنساء بل دعوة الى القاء الضوء على المعاملة السيئة التي تلقاها النساء على يد بعض الازواج.

الاثنين، أكتوبر 04، 2010

ردي علي أحد الموضوعات الخاصة بكردستان العراق

تم نشر هذا الرد في أحد المنتديات وأوردته هنا فقط للتوثيق ولاستخدام الموضوع كتتمة لردود أخري



أغلق الموضوع لأني عبرت عن رأيي بحرية ولم أتطاول علي أحد , وعندما وجدت الأخت المشرفة من يستطيع الرد ما أعتقد أنها لا تمتلك رداً مناسباً , لذلك أعادت فتح الموضوع لمن هب ودب ... فهذا يشتم وهذا يسب وهذا يتهمني بالعمالة وهذا يصفني بالأفعي ,, أسلوب مبتذل في الرد ورائحته نتنه ويحمل روح التعصب الأعمي ..

لا أعتقد أنني كنت في حاجة الي ترجمة هذه الجملة ...( طبعاً الحديث هنا علي وجه التخصيص وليس التعميم , فأنا أتحدث عن الفئة التي أنساقت وراء أحلام الأمريكان وتلقوا حفنات الدولارات فشعروا بالفرق وبالنعمة التي أنعم عليهم بها الأمريكان في الوقت الذي تنزف الدماء علي أرض العراق )

... صدقوني أنا لم أت بجديد فيما ذكرته أسألوا التاريخ عن الامتيازات التي حصل عليها الأكراد من الأمريكان بعد احتلال العراق .
- اقليم كردستان العراق أصبح ذو سيادة
آبار البترول وموارد النفط تحت سيادة حكومة الاقليم مباشرة بعيداً عن الحكومة المركزية

- الدخل المادي للعراقيين في المحافظات الأخري لا يقارن بدخول الأكراد في محافظات الأقليم
-- تحدثت كثيراً مع بعض الأصدقاء من الأكراد قالوا ولم يستحوا أن الامريكان جاءوا ليحرروا العراق من احتلال العرب فكانت الجملة بمثابة الصاعقة التي لم استطع ان اصدقها حتي الان .. فان أراد أحد الرد فليرد عليه وليس عليّ

.... من حق الاكراد أن يفخروا بقوميتهم هذا صحيح ولكن ليس من حقهم أن يتناسوا الانتماء لقومية أكبر و أعظم وهي ( الأسلام) فليس في الاسلام ما يبرر مساعدة غير المسلم علي أخيه المسلم حتي وان كان ظالما هذا غير موجود في الاسلام

كان صدام حسين ظالماً ولكن هل نرد الظلم بالظلم

هل نرد ظلم صدام حسين وننتقم من العرب بطرد العرب """" [U]المسلمين[/U] """" من المدن التي عاشوا فيها
[COLOR="Blue"]كما ورد في تقرير الجزيرة [/COLOR]

[COLOR="Red"]وقال راكان سعدي الجبوري نائب محافظ كركوك إن "عشرات من العرب تعرضوا خلال الأيام الثلاثة الماضية للتهديد بالقتل والتهجير ما لم يغادروا كركوك من قبل جهاز الأمن الكردي التابع للحزبين الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني[/COLOR]".

ليس عندي أي نوع من الكراهية للأكراد ويعلم الله ما في قلبي ولكني أوردت أنني أتحدث عن فئة معينة وربما أساء البعض ترجمة كلامي وفهمه بطريقة خطأ ,

ورجائي الأخير .. أن نتحدث بموضوعية بعيداً عن السب والشتائم

علاج مرض السكر بدون دواء

بد اية يجب أن نعرف أولا ما هو مرض السكر :- هو مرض مذمن , يتميز بارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم إلى أعلى من المستوى الطبيعي نتيجة لعدم قد...