الثلاثاء، مايو 27، 2008

إرهاصات العلاقة بين السلفيين والإخوان المسلمين !!!!!!!!!! وشرح الأصل العاشر من الأصول العشرين

الصراع بين الإخوان و شباب الدعوة السلفية في مصر كانت له أبعاد مختلفة ,
فالمتابع لفكر الحركة السلفية يجد أن السلفيين في مصر ليس لهم إتجاه أو فكر معين أو منهج محدد يتبنونه في سبيل الدعوة إلي الله

وذلك بعكس جماعة الإخوان المسلمين التي تلتزم بخطوط أصيلة وثابتة لا تحيد عنها , ولا تعجب إن طفت كل أقاليم مصر فوجدت نفس منهج الإخوان يطبق بنفس الكيفية وبنفس الأسلوب .. نهايك عن القيادة الواحدة التي تجمعهم وتوحدهم في ظل المتغيرات السياسية والإقتصادية

طيب نرجع لموضوع السلفيين ..

-- أنا أكتشفت أنهم بيتفننوا في نقد الإخوان وتوجيه التهم إليهم بقصد أو بغير قصد وطبعاً ده حاجه معروفة ومش جديدة

- طيب وإيه موقف الإخوان
الإخوان بطبيعتهم لا يلتفتون لذلك .. سأنقل مقولة الأستاذ لاشين أبو شنب عضو مكتب الإرشاد عندما سئل عن هذه العلاقة بين الإخوان والسلفيين
يقول: هم إخواننا (أي السلفيين) ويجب أن نعف قلوبنا قبل ألسنتنا عن الخوض في أعراضهم

ده موقف الإخوان وده موقف السلفيين

نيجي لحاجه مهمة جداً وهي النقاط التي تؤخذ علي الإخوان من جانب السلفيين

أهمها مسألة تحصيل العلوم الشرعية ( فهم يقولون ان الإخوان لا يهتمون بدراسة العلوم الشرعية ولا يدرسون كتب العقيدة والفقه والتوحيد إلي غير ذلك من دراسة العلوم الشرعية )

وتحديداً موضوع دراسة العقيدة ( توحيد الأسماء والصفات وما إلي ذلك )

* * * * * * * * * *
لكن عندما أضلطعت علي ( مجموعة رسائل الأستاذ حسن البنا ) وجدت أن الرجل يتحدث عن هذا الموضوع بشئ من التخصيص حتي أنه
أختص في الأصول العشرين في سياق رسالة التعاليم الأصل العاشر للبحث في مسألة العقيدة
يقول : معرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه، نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل.ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء، ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه )والراسخون في العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا

ثم شرح كل ذلك في رسالة العقائد ............ كتاب (مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا) صــ 392 , صــــ415

وقد أورد الأستاذ مصطفي الطحان في كتابه (الفكر الإسلامي الوسط ) شرح لهذه الرسالة ( رسالة العقائد ورسالة التعاليم )

وسأقتبس هذا الشرح لكي نتعرف علي فهم الإخوان لمسألة العقيدة

يقول في شرح الأصل العاشر الذي أوردته سابقاً

قضية العقيدة
يتناول هذا الأصل مسألة العقيدة..

وهي حجر الأساس والركيزة الأهم للدعوة الإسلامية، فجميع الأعمال الصالحة يتوقف قبولها على صحة الاعتقاد، وصدق الاتباع )فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا([2].
لأن أي انحراف عن أصول العقيدة الصحيحة انحراف عن الإيمان، والانحراف عن الإيمان يؤدي إلى إبطال العمل )وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا([3]. ولأهمية القضية فقد كثر فيها اللغط واختلطت فيها المفاهيم وكثر حولها الكلام، وأتهم فيها علماء أفاضل.
مسلك الأنبياء والسلف في تقديم العقيدة
إن مسلك الأنبياء والرسل في تقديم العقيدة لم يكن تقديما نظريا ولا مصطلحيا إنما كان منهجا متحركا باعثا للحياة الأفضل التي ينشدها كل عامل في مجتمعه[4].
وكذلك فعل سلفنا الأول الذي لم يتقعّر في بحوث ما وراء المادة، ولم يحاول استكناه الغيبيات، بل أحسن علاقته بالله في العبادة الخاشعة، وأحسن علاقته فيما التزمه من خلق حسن وعدالة مطلقة، وقد أعانه ذلك على إبلاغ رسالة الإسلام، فتألق وتأنق، واندكت أمام عزماته الصعاب والعقبات.
ولو أنه اشتغل بالفلسفة اللاهوتية، والمناظرات الكلامية ما خرج من جزيرة العرب.
فلما ذهبت الأجيال الزاكية، وولّى رهبان الليل وفرسان النهار، خلقت البطالةُ ناسا يحسنون اللغو ويطيلون الفكر العابث والنظر الشرود. فنشأت فرق كالخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، وغيرهم، وفكر هؤلاء لا وزن له من ناحيتي العقل والنقل، ولكن المتأثرين بالغزو الثقافي تبنوه وشغلونا به، وأقحموه إقحاما على تفكيرنا النظيف[5].
وإذا كانت هذه الفرق القديمة قد انتهت واندثرت.. إلا أن فرقا جديدة ظهرت بأسماء أخرى ليس على لسانها إلا لغة التكفير.. لا يكاد يسلم من تطرفها مسلم.
تنبيه لابد منه
في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلّم ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه حين آمن به دليلا واحدا، كما أنه (أي ضمام) حين دعا قومه للإيمان لم يقدم لهم أدلة على ذلك[6].
لذلك لما اتُهم ابن تيمية بأنه يثير البلبلة بكلامه في آيات وأحاديث الصفات.. قال رحمه الله:
(وأما قول القائل أني أتعرض لأحاديث الصفات وآياتها عند العوام، فأنا ما فاتحت عاميّا بشيء من ذلك قط)[7].
أما الإمام مالك فيقول: لا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل، فأمّا الكلام في الدين وفي الله عز و جل فالسكوت أحب إلي.

نسوق ذلك لنبين كم يخطئ البعض بحق نفسه والمسلمين حين يحصر همه في الكلام في الدين وفي الله عز و جل.. يفسق هذا ويكفر آخر[8]...
تعريف العقائد
والعقائد هي الأمور التي يجب أن يصدّق بها قلبك، وتطمئن إليها نفسك، وتكون يقينا عندك، لا يمازجه ريب، ولا يخالطه شك.
تقدير الإسلام للعقل

أساس العقائد الإسلامية - ككل الأحكام الشرعية- كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وإن كل هذه العقائد يؤيدها العقل، ويثبتها النظر الصحيح، ولهذا شرف الله تعالى العقل بالخطاب، وجعله مناط التكليف، وندبه إلى البحث والنظر والتفكير. قال الله تعالى: )قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون([9].
وذم الذين لا يتفكرون ولا ينظرون فقال تعالى: )وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون([10].
وطالب الخصوم بالدليل والبرهان حتى فيما هو ظاهر البطلان، تقديرا للأدلة، وإظهارا لشرف الحجة )ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون([11].
فالإسلام لم يحجر على الأفكار ولم يحبس العقول، وإن أرشدها إلى التزام حدها، وعرّفها قلة علمها، وندبها إلى الاستزادة من معارفها، قال تعالى: )وما أوتيتم من العلم إلا قليلا([12]، وقال تعالى: )وقل رب زدني علما([13].

أقسام العقائد الإسلامية
العقائد الإسلامية تنقسم إلى أربعة أقسام رئيسة، تحت كل قسم منها فروع عدة.
القسم الأول- الإلهيات
وتبحث فيما يتعلق بالإله سبحانه وتعالى (صفاته وأسمائه وأفعاله). ويلحق بها ما يستلزمه اعتقاده من العبد لمولاه.
القسم الثاني- النبوات
وتبحث في كل ما يتعلق بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم من حيث صفاتهم، وعصمتهم، ومهمتهم، والحاجة إلى رسالتهم. ويلحق بهذا القسم ما يتعلق بالأولياء رضوان الله عليهم، والمعجزة والكرامة، والكتب السماوية.
القسم الثالث- الروحانيات
وتبحث فيما يتعلق بالعالم غير المادي، كالملائكة عليهم السلام، والجن، والروح.
القسم الرابع- السمعيات
وتبحث فيما يتعلق بالحياة البرزخية، والحياة الأخروية: كأحوال القبر، وعلامات القيامة، والبعث، والموقف، والحساب، والجزاء.
وسيقتصر تناولنا هنا على القسم الأول لاتصاله بموضوع البحث.
الإلهيات
ذات الله تبارك وتعالى
إن ذات الله تبارك وتعالى أكبر من أن تحيط بها العقول البشرية. وإن عقولنا، من أكبرها إلى أصغرها تنتفع بكثير من الأشياء ولا تعلم حقائقها.
فالكهرباء، والمغناطيس، وغيرهما، قوى نستخدمها وننتفع بها ولا نعلم شيئا من حقيقتها، ويكفينا أن نعرف من خواصها ما يعود بالفائدة علينا.
فإذا كان هذا شأننا في الأمور التي نلمسها ونحسها فما بالك بذات الله تبارك وتعالى؟! وقد ضل أقوام تكلموا في ذات الله تبارك وتعالى، فكان كلامهم سببا لضلالهم وفتنتهم واختلافهم، لأنهم يتكلمون فيما لا يدركون تحديده، ولا يقدرون على معرفة كنهه، ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفكير في ذات الله، وأمر بالتفكر في مخلوقاته.
أسماء الله الحسنى
إن الخالق المتصرف جلّ وعلا تعرف إلى خلقه بأسماء وصفات تليق بجلاله، يحسن بالمؤمن حفظها تبركا بها، وتلذذا بذكرها، وتعـظيما لقدرها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله تسعةٌ وتسعون إسما مائةٌ إلا واحدا، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر)[14].
الأسماء الزائدة عن التسعة والتسعين
هذه التسعة والتسعون ليست كل ما ورد في أسماء الله تبارك وتعالى، بل وردت الأحاديث بغيرها من الأسماء، مثل: الحنان، المنان، البديع، المغيث، الكفيل، ذو الطول، ذو المعارج، ذو الفضل، الخلاق.
الأحاديث التي وردت فيها ألفاظ على أنها أسماء لله تعالى على المجاز
ولكن قرائن الحال وأصل الوضع يدل على غير ذلك، فذلك من قبيل المجاز لا الحقيقة، ومن قبيل تسمية الشيء باسم غيره لعلاقة بينهما أو على تقدير بعض المحذوفات.
مثل ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبو الدهر فإن الله هو الدهر)[15]. فلا يراد هنا ظاهر اللفظ، بل المقصود إن الله هو المسبب لحوادث الدهر فلا يصح أن ينسب إلى الدهر شيء ولا أن يسب ويذم.
التوقيف في أسماء الله تبارك وتعالى وصفاته
والجمهور على أنه لا يصح أن نطلق على الله تبارك وتعالى اسما أو وصفا لم يَرد به الشرع، بقصد اتخاذه اسما له تعالى وإن كان يُشعر بالكمال. فلا يصح أن نقول مثلا: مهندس الكون الأعظم، على أن يكون هذا ومثله أسماء أو صفات له تعالى يصطلح عليها، ويتفق على إطلاقها عليه تعالى.
العَلَمية والوصفية في هذه الأسماء
من الأسماء التسعة والتسعين عَلَمٌ واحد وضع للذات القدسية وهو لفظ الجلالة: الله، وباقيها كلها ملاحظ فيها معنى الصفات.
وهل هو مشتق أو غير مشتق، مسألة خلافية، لا يترتب عليها أمر عملي.
خواص أسماء الله الحسنى
يذكر البعض أن لكل اسم من أسماء الله تعالى خواص وأسرار تتعلق به على إفاضة فيها أو إيجاز، وقد يتغالى البعض فيتجاوز هذا القدر إلى زعم أن لكل اسم خادما روحانيا يخدم من يواظب على الذكر به. وهكذا، والذي نعلمه في هذا، أن أسماء الله تعالى ألفاظ مشرّفة، لها فضل على سائر الكلام، وفيها بركة وفي ذكرها ثواب عظيم، أما ما زاد على ذلك فلم يرد في كتاب ولا سنة، وقد نُهينا على الغلو في دين الله تعالى، والزيادة فيه، وحسبنا الاقتصار على ما ورد.
اسم الله الأعظم
ورد ذكر اسم الله الأعظم في أحاديث كثيرة.
والعلماء يختلفون في تعيينه لاختلافهم في ترجيح الأحاديث بعضها على بعض. فإذا تقرر هذا، فما يدّعيه بعض الناس من أنه سر من الأسرار يمنح لبعض الأفراد، فيفتحون به المغلقات، ويخرقون به العادات، ويكون لهم به من الخواص ما ليس لغيرهم من الناس، أمر زائد على ماورد عن رسوله.
صفات الله تعالى
صفاته تعالى في نظر العقل
إن الناظر إلى هذا الكون وما فيه من بدائع الحكم، وغرائب الخلق، ودقيق الصنع، مع العظمة والاتساع، والتناسق والابداع، بحيث يتألف من مجموعه وحدة كونية، كل جزء منها يخدم الأجزاء الأخرى، كما يخدم العضو في الجسم الواحد بقية الأعضاء، لخرج من كل ذلك من غير أن يأتيه دليل أو برهان، أو وحي أو قرآن، بهذه العقيدة النظرية السهلة وهي: أن لهذا الكون خالقا صانعا موجدا، وأن هذا الصانع لابد أن يكون عظيما فوق ما يتصور العقل البشري الضعيف من العظمة، قادرا فوق ما يفهم الإنسان من معاني القدرة، وحيّا بأكمل معاني الحياة، وأنه مستغن عن كل هذه المخلوقات، لأنه كائن قبل أن تكون، وعليما بما وسع حدود العلم، وأنه فوق نواميس هذا الكون لأنه واضعها، وأنه قبل هذه الموجودات لأنه خالقها، وبعدَها لأنه الذي سيحكم عليها بالعدم. واجمالا سترى نفسك مملوءا بالعقيدة بأن صانع هذا الكون ومدبره يتصف بكل صفات الكمال فوق ما يتصورها العقل البشري المحدود. ومنزه عن كل صفات النقص، وسيرى هذه العقيدة وحيَ وجدانه لوجدانه وشعورَ نفسه لنفسه )فطرةَ الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون([16].
بين صفات الله وصفات الخلق
إن المعنى الذي يُقصدُ باللفظ في صفات الله تبارك وتعالى يختلفُ اختلافا كليا عن المعنى الذي يُقصد بهذا اللفظ عينه في صفات المخلوقين، فالعلم والحياة والسمع والبصر والكلام والقدرة والإرادة، مدلولات الألفاظ فيها تختلف عن مدلولاتها في حق الخلق من حيث الكمال والكيفية اختلافا كليا.
آيات الصفات وأحاديثها
وردت في القرآن الكريم آيات وفي السنة المطهرة أحاديث، توهم بظاهرها مشابهة الحق تبارك وتعالى لخلقه في بعض صفاتهم، مثل قوله تعالى: )كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام([17].
وقوله تعالى: )الرحمن على العرش استوى([18].
ومثلها كل آية ورد فيها لفظ الوجه والعين واليد ونسب فيها الاستواء على العرش إلى الله تبارك وتعالى.
أو مما يؤخذ منه نسبة الجهة لله تعالى في مثل قوله تعالى: )أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور([19].
وكذلك وردت في الأحاديث الشريفة ألفاظ كالتي وردت في القرآن منسوبة إلى الله تعالى: كالوجه واليد ونحوهما.
انقسام الناس في هذه المسألة على أربع فرق
1- فرقة أخذت بظواهرها كما هي
فنسبت إلى الله وجها كوجوه الخلق، ويدا أو أيديا كأيديهم، وضحكا كضحكهم، وهكذا حتى فرضوا الإله شيخا، وبعضهم فرضه شابا، وهؤلاء هم المجسمةُ و المشبهةُ، وليسوا من الإسلام في شيء، وليس لقولهم نصيب من الصحة، ويكفي في الرد عليهم قوله تعالى: )ليس كمثله شيء وهو السميع البصير([20]. وقوله تعالى: )قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد([21].
2- فرقة عطلت معاني هذه الألفاظ على أي وجه
يقصدون بذلك نفي مدلولاتها مطلقا عن الله تبارك وتعالى، فالله تبارك وتعالى عندهم لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر، لأن ذلك لا يكون إلا بجارحة، والجوارح يجب أن تنفى عنه سبحانه وتعالى، فبذلك يعطلون صفات الله تعالى ويتظاهرون بتقديسه، وهؤلاء هم المعطلة، ويطلق عليهم بعض علماء تاريخ العقائد الإسلامية: الجهميّه، ولا أظن أن أحدا عنده مُسحة من عقل يستسيغ هذا القول المتهافت! وها قد ثبت الكلام والسمع والبصر لبعض الخلائق بغير جارحة، فكيف يتوقف كلام الحق تبارك وتعالى على الجوارح؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
هذان رأيان باطلان لاحظَّ لهما من النظر، وهناك رأيان هما محل أنظار العلماء في العقائد وهما رأي السلف ورأي الخلف[22].
3- مذهب السلف
أما السلف رضوان الله عليهم فقالوا: نؤمن بهذه الآيات والآحاديث كما وردت، ونترك بيان المقصود منها لله تبارك وتعالى، فهـم يثبتـون اليـد والعين والأعين والاستواء والضحك والتعجب.. إلخ.، وكل ذلك بمعان لا ندركها، ونترك لله تعالى الإحاطة بعلمها، ولاسيما قد نهينا عن ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله فإنكم لن تقدروه قدره)[23] ، مع قطعهم رضوان الله عليهم بانتفاء المشابهة بين الله وبين الخلق.
4- مذهب الخلف
أما الخلف فقد قالوا: إننا نقطع بأن معاني ألفاظ هذه الآيات والأحاديث، لا يراد بها ظواهرها، وعلى ذلك فهي مجازات، لا مانع من تأويلها، فأخذوا يؤوِّلون (الوجه) بالذات، و(اليد) بالقدرة وما إلى ذلك، هربا من شبهة التشبيه.
وفيما يلي نماذج من أقوالهم:
· قال أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي في كتابه (دفع شبهة التشبيه): قال تعالى: (ويبقى وجه ربك) أي يبقى ربك، وكذلك قالوا في قوله تعالى: (يريدون وجهه) أي يريدونه.
وعقد ابن الجوزي في أول الكتاب فصلا ضافيا في الرد على من قالوا: (إن الأخذ بظاهر هذه الآيات والأحاديث هو مذهب السلف)، وخلاصة ما قاله:
إن الأخذ بالظاهر هو تجسيم وتشبيه، لأن ظاهر اللفظ هو ما وضع له، فلا معنى لليد حقيقة إلا الجارحة، وهكذا.
· وقال فخر الدين الرازيّ في كتابه (أساس التقديس): وأعلم أن نصوص القرآن، لا يمكن إجراؤها على ظاهرها لوجوه:
الأول: أن ظاهر قوله تعالى: (ولتصنع على عيني) يقتضي أن يكون موسى عليه السلام، مستقرا على تلك العين، ملتصقا بها، مستعليا عليها، وذلك لا يقوله عاقل.

والثاني: أن قوله تعالى: (واصنع الفلك بأعيننا) يقتضي أن يكون آلة تلك الصنعة، هي تلك العين.
والثالث: أن إثبات الأعين في الوجه الواحد قبيح، فثبت أنه لابد من المصير إلى التأويل، وذلك هو أن تُحمل هذه الألفاظ على شدة العناية والحراسة.
· وقال الإمام الغزالي في الجزء الأول من كتابه (إحياء علوم الدين) أن يكون الشيء بحيث لو ذكر صريحا لفهم، ولم يكن فيه ضرر، ولكن يكنى عنه على سبيل الاستعارة والرمز، ليكون وقعه في قلب المستمع أغلب.. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة على النار)[24]. ومعناه أن روح المسجد وكونه معظما، ورمي النخامة فيه تحقير له، فيضاد معنى المسجدية، مضادة النار، لاتصال أجزاء الجلدة.
وأنت ترى أن ساحة المسجد، لا تنقبض من نخامة. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوّل الله رأسه رأس حمار)[25].
وذلك من حيث الصورة لم يكن قط ولا يكون، ولكن من حيث المعنى هو كائن،، فقد صار رأسه رأس الحمار، في معنى البلادة والحمق، وهو المقصود دون الشكل.
وإنما يعرف أن هذا السر على خلاف الظاهر، إما بدليل عقلي أو شرعي. أما العقلي فأن يكون حمله على الظاهر غير ممكن، كقوله صلى الله عليه وسلم: (قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن) إذ لو فتشنا عن قلوب المؤمنين لم نجد فيها أصابع، فعلم أنها كناية عن القدرة، التي هي سرّ الأصابع وروحها الخفي، وكنّى بالأصابع عن القدرة، لأن ذلك أعظم وقعا في تفهم تمام الاقتدار.
بين السلف والخلف
وقد كان هذان الطريقان مثار خلاف شديد بين علماء الكلام، من أئمة المسلمين، وأخذ كل يدعم مذهبه بالحجج والأدلة، ولو بحثت الأمر لعلمت أن مسافة الخُلف بين الطريقين لا تحتمل شيئا من هذا، لو ترك أهل كل منهما التطرف والغلو. وبيان ذلك من عدة أوجه:
أولا: اتفق الفريقان على تنزيه الله تبارك وتعالى، عن المشابهة لخلقه.
ثانيا: كل منهما يقطع بأن المراد بألفاظ هذه النصوص في حق الله تعالى، غيرُ ظواهرها، التي وضعت لها هذه الألفاظ في حق المخلوقات، وذلك مترتب على اتفاقهما على نفي التشبيه.
ثالثا: كل من الفريقين يعلم، أن الألفاظ، توضع للتعبير عما يجول في النفوس، أو يقع تحت الحواس مما يتعلق بأصحاب اللغة وواضعيها، وأن اللغات، مهما اتسعت، لا تحيط بما ليس لأهلها بحقائقه علم، وحقائق ما يتعلق بذات الله تعالى، من هذا القبيل، فاللغة أقصر من أن تواتينا بالألفاظ، التي تدل على هذه الحقائق، فالتحكمُ في تحديد المعاني بهذه الألفاظ تغرير.
وإذا تقرر هذا، فقد اتفق السلف والخلف على أصل التأويل، وانحصر الخلاف بينهما في أن الخلف زادوا تحديد المعنى المراد، حيثما ألجأتهم ضرورة التنزيه إلى ذلك، حفظا لعقائد العوام من شبهة التشبيه، وهو خلاف لا يستحق ضجة ولا اعناتا.
ترجيح مذهب السلف
الإمام حسن البنا ومدرسته تعتقد أن رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني إلى الله تبارك وتعالى، أسلم وأولى بالاتباع، حسما لمادة التأويل والتعطيل. كما تعتقد هذه المدرسة أن تأويلات الخلف لا توجب الحكم عليهم بكفر ولا فسوق، ولا تستدعي هذا النزاع الطويل بينهم، وبين غيرهم قديما وحديثا، وصدر الإسلام أوسع من هذا كله. وقد لجأ أشد الناس تمسكا برأي السلف، رضوان الله عليهم، إلى التأويل في عدة مواطن، وهو الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، من ذلك تأويله لحديث: (الحجر الأسود يمين الله في أرضه)[26] وقوله صلى الله عليه وسلم: (قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن)[27] وقوله صلى الله عليه وسلم: (إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن)[28].
وقال الإمام النووي بما يفيد قرب مسافة الخلاف بين الرأيين، مما لا يدع مجالا للنزاع والجدال، ولاسيما وقد قيد الخلف أنفسهم في التأويل بجوازه عقلا وشرعا، بحيث لا يصطدم بأصل من أصول الدين.
وخلاصة هذا البحث
أن السلف والخلف قد اتفقا على أن المراد، غيرُ الظاهر المتعارف بين الخلق، وهو تأويل في الجملة، واتفقا كذلك على أن كل تأويل يصطدم بالأصول الشرعية غير جائز، فانحصر الخلاف في تأويل الألفاظ بما يجوز في الشرع، وهو هين كما ترى، وأمر لجأ إليه بعض السلف أنفسهم، وأهمّ ما يجب أن تتوجه إليه همم المسلمين الآن توحيد الصفوف، وجمع الكلمة ما استطعنا إلى ذلك من سبيل(1).
شبهات وردّها
بعض الآراء المتطرفة، حمّلت كلام الإمام حسن البنا ما لا يحتمل.. واعتبرته وأتباعه منحرفي العقيدة.. كتبوا في ذلك رسائل.. وأدلوا بأقوال.. تنم عن تعصب وجهل. ولننظر في هذه المسائل لنرى هل تستقيم.. أم أنها مجرد اتهامات بغير دليل؟
يقول الإمام البنا:
(ونحن نعتقد أن رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني إلى الله تبارك وتعالى أسلم وأولى بالاتباع حسما لمادة التأويل والتعطيل).
يقول هؤلاء: إن التفويض معناه تفويض معاني صفات الله تعالى مع الاعتقاد بأن ظواهرها غير مرادة وليس هذا مذهب السلف لأن الله لا يخاطبنا بما لا نعقل معناه فهم يفوضون الكيف لا المعنى.
والجواب: أن المنهج العلمي يقتضي فهم العبارة ملتئمة مع سائر النصوص والأقوال دون أخذها مجتزأة.
فالعبارة جاءت منكّرة وليست معرّفة فهي لا تعني المذهب المذكور ولكنها استعملت بمعناها اللغوي بمعنى عدم الخوض في كيفية الاستواء أو غيره من الصفات وترك ذلك إلى الله تعالى. فإذا أضيف إلى ذلك أن الرجل (حسن البنا) أكّد ترجيحه لمذهب السلف، وارتضاءه له، واستشهاده بأقوالهم، وأن هذه العبارة وردت في كلام غيره من الأعلام فإنه يتعين فهم مراده على هذا الوجه. وإليك بعضا من نصوصه في هذه المسألة لنصل إلى فهم النص المذكور.
1- قال رحمه الله: أن السلف رضوان الله عليهم يؤمنون بآيات الصفات وأحاديثها كما وردت ويتركون بيان المقصود منها لله تبارك وتعالى مع اعتقادهم بتنزيه الله تبارك وتعالى عن المشابهة لخلقه. فإن كنت ممن أسعده الله، بطمأنينة الإيمان، وأثلج صدره ببرد اليقين، فلا تعدل به بديلا[29].
2- عند احتجاجه بأقوال السلف ذكر منهم اللالكائي في (أصول السنة)، ونقل عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، ونقل عن الخلال في (كتاب السنة) نصوصا عن أحمد بن حنبل ثم نقل عن مالك بن أنس، وذكر (أبو بكر الأثرم) و(أبو عمر الطلمنكي) و (أبو عبد الله بن بطة) وغيرهم من الأئمة الأثبات الذين ساروا على نهج السلف الصالح.
ولقد سار ابن تيمية على نفس الطريق، قال رحمه الله:
(وكلام السلف في هذا الباب موجود في كتب كثيرة مثل كتاب السنّة للالكائي والإبانة لإبن بطة، والأصول لأبي عمرو الطلمنكي والسنة لأبي بكر بن الأثرم، والسنّة للخلال، والسنّة لأبي بكر بن أبي عاصم)[30].
3- أنه صرّح بمراد الكيفية تصريحا بيّنا في قوله: (وإنما علم الله تبارك وتعالى علم لا يتناهى كماله، ولا يعدّ علم المخلوقين شيئا إلى جانبه، وكذلك الحياة، وكذلك السمع.. فهذه كلها مدلولات الألفاظ فيها تختلف عن مدلولاتها في حق الخلق. من حيث الكمال والكيفية اختلافا كليا لأنه تعالى لا يشبه أحدا من خلقه، فتفطن لهذا المعنى فإنه دقيق. ولست مطالبا بمعرفة كنهها[31] وإنما حسبك أن تعلم آثارها في الكون، ولوازمها في حقك)[32].

من مجموع هذه النصوص يتضح أن مراد الإمام البنا هو تفويض الكيفية لا المعنى. على أن العبارة التي اشتد فيها النكير وفسرنا مراده فيها قد جاءت في كلام الأئمة ممن هم على منهج السلف الصالح.
· روى أبو القاسم الالكائي في (أصول السنة) عن محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما قال: (اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عز و جل من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وفارق الجماعة فإنهم لم يصفوا ولم يفسّروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنّة ثم سكتوا).
· وذكر الخـلاّل في كتاب (السنة) عن حنبل، وذكره حنبل في كتبه، مثل كتاب (السنة والمحنة). قال حنبل: سألت أبا عبد الله، عن الأحاديث التي تروى (إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا) و(إن الله يرى) و(إن الله يضع قدمه) وما أشبه هذه الأحاديث؟ فقال أبو عبد الله: نؤمن بها، ونصدق بها، ولا كيف ولا معنى، ولا نرد منها شيئا، ونعلم أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حق، إذا كان بأسانيد صحاح، ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف الله تبارك وتعالى بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية، (ليس كمثله شيء)[33].
· وروى حرملة بن يحيى قال: سمعت عبد الله بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: من وصف شيئا مع ذات الله مثل قوله: (وقالت اليهود يد الله مغلولة) فأشار بيده إلى عنقه، ومثل قوله: (وهو السميع البصير) فأشار إلى عينه أو أذنه أو شيء من يديه، قطع ذلك منه، لأنه شبه الله بنفسه.
· وروى أبو بكر الأثرم وغيره كلاما طويلا في هذا المعنى ختمه بقوله: (فما وصف الله من نفسه، فسماه على لسان رسوله، سميناه كما سماه، ولم نتكلف منه صفة ما سواه، لا هذا ولا هذا، لا نجحد ما وصف، ولا نتكلف معرفة ما لم يصف.
· وجاء عن ابن رجب الحنبلي في فضل علم السلف على الخلف: والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تفسير لها.. ولا يصح منهم خلاف ذلك البتة خصوصا الإمام أحمد ولا خوض في معانيها، وكذلك ما جاء عن ابن قدامة في لمعة الاعتقاد حين عرض لمسألة الصفات، وتلقيها بالتسليم والقبول أشار إلى ترك التعرض إلى معناها، ورد علمها إلى قائلها[34].
فهذه العبارات ونحوها حملت على معنى الكيفية من خلال الجمع بين أقوالهم تحقيقا للإنصاف، وإحسانا للظن بهم وبالمنهج نفسه نتعامل مع أقوال البنا لما عرف عنه من شدة الحرص على اتباع السنة ولزومها، وسلوك منهج السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين.
أما الشبهة الثانية: وهي إطلاق لفظ المتشابه على الصفات فإنه محمول على معنى أن كيفية اتصاف المولى تبارك وتعالى بهذه الصفات مما استأثر سبحانه بعلمه، ولا سبيل للبشر إلى إدراكه والإطلاق بهذا المعنى سائغ ومقبول.
يقول الشيخ الشنقيطي في جواز إطلاق لفظ المتشابه على الصفات من هذه الحيثية: (اعلموا أن آيات الصفات كثير من الناس يطلق عليها اسم المتشابه وهذا من جهة غلط، ومن جهة قد يسوغ، كما بيّنه مالك بن أنس بقوله: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول،والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب) فكون الاستواء غير مجهول يدل على أن معناه غير متشابه بل هو معروف عند العرب، والكيف غير معقول يدل على عجز البشر عن إدراكه، وما استأثر الله بعلمه يسمى متشابها بناء على الوقف في قوله تعالى: )وما يعلم تأويله إلا الله([35] فهو بالنسبة إلى الصفة غير متشابه، وبالنسبة إلى كيفية الاتصاف به متشابه على أن المتشابه ما استأثر الله بعلمه)[36].
ثم إن مفهوم المتشابه مما اختلفت فيه أنظار العلماء فيما ذكره السيوطي في (الاتقان) في تفسير المحكم والمتشابه فبعضهم يقول: إن المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا والمتشابه ما احتمل أوجها وعزاه السيوطي لابن عباس.
وعلى هذا التفسير كتب الإمام أحمد بن حنبل كتابه (الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله).
ومنهم من يقول المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل. والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة، وخروج الدجال، والحروف المقطعة في أوائل السور.
ومنهم من يقول المحكم الذي يؤمن به ويعمل به والمتشابه الذي يؤمن به ولا يعمل به.
ومنهم من قال المحكم ما كان معقول المعنى، والمتشابه[37] خلافه.
وقد جاء في القرآن الكريم: )الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها([38] أي يشبه بعضه بعضا وجاء وصفه كله بأنه محكم:)كتاب أحكمت آياته([39] أي بمعنى الإتقان.
وجاء وصف بعضه بالمتشابه: )منه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات([40]. وهذا ما وقع الخلاف في تفسيره على النحو الذي أسلفنا.
وخلاصة القول أن منهج البنا جاء مقررا لعقيدة السلف، داعيا إلى لزومها وتثبيتها.










قراءة في الأصل العاشر (قضية العقيدة )

مختارات من جمهرة مقالات العلامة محمود شاكر (1)

  • الأستاذ محمود شاكر جمعت مقالاته في كتاب بعنوان (جمهرة مقالات الأستاذ محمود شاكر) جمعها تلميذه الأستاذ عادل سليمان جمال وسوف أقوم إن شاء الله بكتابة بعض المقالات التي وردت في الكتاب ونقلها هنا علي هيئة مختارات ولكن بصفة غير دورية لضيق الوقت
  • الرسول صلي الله عليه وسلم

    قرأت في عدد الرسالة الذي صدر بتاريخ الإثنين 13 ربيع الأول سنة 1353 هـ , باباً من القصص الشعري عن ( إسلام حمزة ) رضي الله عنه وقد وضع هذه القصة واضعها وهو يقصد بها –إن شاء الله – خيراً . إلا أن طريق الخير إلي ما قصد إليه قد التوي به التواء يذهب بكل ما عمد إليه , فإنه وضع علي لسان الرسول شعراً نزهه الله عنه بقوله (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ) ثم يلي ذلك أنه قد وضع علي لسانه ما لم يقله صلي الله عليه وسلم .
    وليعلم صاحب هذه القصة أن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول من " كذب عليًًً متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " ويقول " من حدث عني بحديث يري أنه كذب فهو أحد الكاذبين " . فكيف بصاحبنا وهو ينطق رسول الله صلي الله عليه وسلم بما لم يقله , ثم يكون ما أنطقه به من الكلام مصوغاً في القالب الذي نزه الله عنه نبيه صلي الله عليه وسلم ؟
    وهذه المسألة مما يريد بعض الناس أن يحتال لها بمنافق الكلام ليستحل ما لا يحل أبداً . وهو يراودون الناس فيها عن عقولهم أولاً ثم عن إيمانهم ثانياً , لينقادوا لهم في الرضا بها والمتابعة عليها ....
    والمسألة لو تناولت أحداً غير صاحب الرسالة لقلنا عسي ولعل ..
    ولنظرنا في المخرج الذين يتأولونه نظر المنطق , ولكنها تتناول إنسانية وحدها قد جعلها الله بمنزلة فوق منازل سائر البشر , وإن لم تخرج عن منزلة البشر في أعراض الحياة وما يكون فيها وما يأتي منها .
    إن إنسانية الأنبياء وحدها هي الإنسانية التي أوجب الله علي حضرها من الناس أن يؤمن بها أولاً , ثم يحافظ علي رواية سيرتها ثانياً , ثم يحترس ويتدبر فيما ينقل عنها أو يصف منها , لأن نسبة شئ من الأشياء إليها قد يكون مما يتوهم أحد منه وهما يخرج - فيما يقبل من أمر الدنيا – بحقيقة الرسالة التي أرسلوا بها عن القانون الإلهي الذي عملوا به ليحققوا كلمة الله التي تعلوا أبداً , وتزهر دائماً وتبقي علي امتداد الزمن روح الحياة البشرية وميزان أمر الناس في هذه الدنيا .
    وليس يقال في قصة صاحبنا أو غيرها أن ما أنطق به الرسول لا يتناول تشريعاً أو أدباً في حكمه وإنما يتناول الكلام المتعاطي بين الناس فليس به من ثم بأس ...
    ليس يقال مثل هذا لأن التشريع حين يوضع ويراد به سد أبواب من الشر والفتنة يأتي منعاً مصمتاً لا مدخل فيه ولا ثغر حتي يدفع المحزبين والمفسدين والعابثين ويضرب علي أيديهم من كل ناحية . ولو كان الأمر علي غير ذلك لتناول كل لص مفتاح الباب الذي يريد أن يدخل منه إلي عقول الناس ليستغرهم ويزلزلهم من جنة الإيمان إلي جحيم الإلحاد في الدين من الطريق الخفي الذي لا تبصر فيه العامة ولا تهدي به إلي أرشد أمرها في الحياة .
    فنحن هنا نتقدم إلي الأستاذ صاحب القصة بأن يتدبر ما شاء , فهو سيدع ما سلك إلي سبيل أهدي , فإن الأدب الذي له نعمل لم يقتصر ولم يضيق حتي ندع ما أحل الله إلي ما نهي عنه , ونترك سبيل الرشاد إلي سبيل تنحدر بنا إلي هاوية لا قرار لها , ولا عاصم منها .

السبت، مايو 24، 2008

سأقوم بنشر سلسلة مقالات العلامة محمود شاكر (تابعونا)

كان العلامة الاستاذ محمود شاكر مثالاً في التحقيق والنقد خصوصاً فيما يخص الثقافة والأدب العربي والتراث الإسلامي ولعل مقالاته التي نشرت في كتاب (جمهرة مقالات العلامة محمود شاكر ) خير دليل علي إبحاره في شتي فنون الأدب وإضطلاع علي ثقافة التراث العربية والإسلامية
سأقوم إن شاء الله بنشر بعض من هذه المقالات تباعاً للإستفادة
منها والتعلم من هذا العلامة الكبير

الخميس، مايو 22، 2008

رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر


رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر: تحولات المسيري من الأدب إلي الصهيونية ومن المادية إلي الإيمان

صلاح حزين


-->لكن الموسوعة ليست إنجازا عاديا بل هي مشروع عمر بأكمله، فقد استغرق إعدادها نحو ربع قرن أو أكثر من حياة المؤلف، وهي تجربة رأي المسيري أنها تستحق أن تروي، فحاول كتابتها وإضافتها إلي الموسوعة، ولكن نطاق التأمل لديه اتسع وحجم الصفحات زاد والأفكار ترابطت فتحولت هذه الصفحات إلي كتاب رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر الذي صدرت طبعته الثانية عن دار الشروق أخيرا والتي تضمنت بعض الإضافات إلي مادة الطبعة الأولي بما فيها صور تمثل مراحل مختلفة من حياة المسيري. وكما هو الحال في معظم كتب المسيري حمل الكتاب عنوانا فرعيا هو سيرة غير ذاتية غير موضوعية.



وما حدث مع المسيري في هذا الكتاب يكاد أن يكون تكرارا لما حدث معه حين كتب الموسوعة التي يعرف متي انتهي من كتابتها، فقد سلم مادتها مطبوعة علي أقراص في الشهر الأول من العام 1998، أما متي بدأ في كتابتها فهذا أمر خلافي كما يقول، ويتساءل عما إذا كان ذلك في عام 1975 حين بدأت في تحديث (موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية: رؤية نقدية)، أم في عام 1970 حين بدأت في كتابتها، أم في عام 1965حين نشرت أولي دراساتي عن الصهيونية (ص407). ثم يمضي متسائلا أم يمكن القول إن نقطة البدء هي يوم أن ولدت باعتبار أن كل تجربة خضتها أصبحت جزءا من النموذج المعرفي والتحليلي الذي استخدمته في هذه الموسوعة (ص407) . إن هذا يعني أن رحلة المسيري نحو الموسوعة وخلالها هي في واقع الأمر سيرة حياته بأكملها، فمن يتابع كتابات المسيري سوف يكتشف أن أجزاء كبيرة من مادة الموسوعة حاضرة في كتبه التي بدأ في نشرها قبل نحو ثلاثين عاما بما في ذلك موسوعة المصطلحات والمفاهيم الصهيونية التي أصدرها في العام 1975، والتي شكلت الأساس الذي بنيت عليه الموسوعة الأخيرة في صورتها النهائية، وبما في ذلك أيضا بعض الكتب الأدبية التي وضعها، فالمسيري صاحب الموسوعة هو في الأساس أستاذ الأدب الإنجليزي المتخصص في الشعر الرومانتيكي.
***ثمة نقطة مهمة يشير أليها الكتاب، هي أن المسيري خلال الفترة الطويلة التي عمل فيها علي إعداد الموسوعة تعرض لعملية تحول فكري نقلته من الفكر المادي المتأثر بالماركسية إلي الفكر الإسلامي، وقد كان لهذا الانتقال أثره الواضح في التوصل إلي الصيغة النهائية لما أسماه النموذج التفسيري الجديد الذي قدمه في الموسوعة، مع ما يعنيه ذلك من ضرورة إعادة النظر في كثير من الأفكار والمفاهيم التي كانت قد أنجزت حين بدأ في كتابة الموسوعة ومن ثم إعادة صوغها في ضوء الأفكار الجديدة.هذا التحول من درس الشعر الرومانتيكي الإنجليزي إلي البحث في اليهود واليهودية والصهيونية، ومن الفكر المادي إلي الفكر الإيماني، ومن الشيوعية (يذكر أنه انتمي إلي تنظيم الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) الشيوعية بين العامين 1955 و1961) إلي الإسلام ، وتحولات أخري عديدة شهدتها حياة المسيري هو موضوع رحلته التي ضمنها الكتاب، وهي رحلة تشمل أحداثا وروايات وذكريات وقصصا عديدة رواها لإثبات أو تفسير أو نفي أو نقد أو نقض الأفكار الواردة في الكتاب. كما تضمن الكتاب تسجيلا لنواحي الحياة التي عاشها طفلا في دمنهور أو شابا في الإسكندرية التي درس الأدب الإنجليزي في جامعتها، أو رجلا ناضجا في الولايات المتحدة الأميركية حيث درس الأدب ثم عمل، أو في عدد من البلدان العربية الأخري التي عمل فيها أستاذا للأدب الإنجليزي. وتشمل هذه النواحي تسجيلا لبعض أغاني الأطفال وألعابهم، وإشارات إلي المعارك الفكرية والأكاديمية والثقافية التي خاضها خلال حياته الحافلة، وسردا للحكايات الشخصية الحميمة الخاصة بالأسرة والأبناء والجيران والأصدقاء والمدرسين والزملاء والخصوم والناس العاديين، واستحضارا للشخصيات رفيعة المستوي التي صادقها أو صادفها أو عمل معها في مصر مثل الكاتب محمد حسنين هيكل الذي اصبح وزيرا للإعلام لفترة وجيزة في العام 1970، والدكتور محمود رياض الأمين العام للجامعة العربية، والدكتور أسامة الباز مستشار الرئيس المصري حسني مبارك، ووليام كوانت مستشار الأمن القومي الأسبق للولايات المتحدة، وشخصيات ذات وزن ثقافي في مصر مثل توفيق الحكيم ولويس عوض ونجيب محفوظ، وأخري من خارج مصر مثل نعوم تشومسكي وجاك دريدا وآخرين. غير أن أهم ما جاء في كتاب المسيري في رأيي هو كشفه للنقطة الجوهرية التي انطلق منها لصوغ مفاهيمه الأساسية التي ضمنها موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، والتي جاءت نتيجة لتحولاته الفكرية التي أشرنا إليها. ونقطة الانطلاق هي اكتشافه للفرق بين الأسس التي تقوم عليها المجتمعات الشرقية وتلك التي تقوم عليها المجتمعات الغربية، ممثلة في المجتمع المصري الذي نشأ المسيري فيه، والأميركي الذي عرفه طالبا أثناء دراسته الجامعية بين العامين 1963 و1969، ثم مستشارا ثقافيا لمكتب الجامعة العربية في واشنطن بين العامين 1975 و1979. فالمجتمع الشرقي في رأيه مجتمع يقوم علي التراحم، أما المجتمع الغربي فيقوم علي التعاقد. ومن هذه النقطة انطلق ليصوغ أفكاره الأساسية في الحياة والفكر سواء بسواء، فمبدأ التعاقد الذي يقوم عليه المجتمع الغربي مفهوم غير إنساني في جوهره كما يري، ومن هنا انطلق في نقده للغرب، هو نقد استهدف النموذج الغربي بأكمله، وهذا ما تشهد به كتب المسيري العديدة، ونقده للغرب تضمن نقضه للصهيونية ولإسرائيل التي اعتبرها نتاجا غربيا بحتا. أما المجتمعات الشرقية فتقوم علي قيمة التراحم التي ينهض عليها بنيان هذه المجتمعات، والتراحم قيمة أخلاقية في الأساس، وكانت تلك النقطة الجوهرية في التحليل الذي أوصله في ما بعد إلي الإيمان. ولكن المسيري ينتبه إلي ما قد توحي به هذه المقارنة من تبسط فيستدرك أكثر من مرة ليقول أرجو ألا يفهم من قصصي وتحليلي لها أنني أتصور أن المجتمع الأميركي كله مجتمع تعاقدي (ص 58)، إذ توجد في المجتمع الأميركي جيوب تراحمية كثيرة (ص58)، كما أنه لا يمكن القول إن مجتمعاتنا العربية تراحمية خالصة، فنموذج التعاقد والصراع يزحف بسرعة نحو مجتمعاتنا ويسيطر علينا (ص59).
***غير أن هذا الاستدراك لا يلغي حقيقة أن هذه الفكرة مركزية لديه، بل أنها كانت نقطة الانطلاق التي اعتمدها في تحليله للغرب ولإسرائيل وللصهيونية التي لا يري ظهورها منفصلا عن تاريخ الغرب بل جزءا عضويا منه، وهو التحليل الذي ينتهي إلي النظر إلي إسرائيل باعتبارها دولة وظيفية تتسم بمعظم (إن لم يكن كل) سمات الجماعة الوظيفية (ص452). والجماعة الوظيفية مفهوم مركزي في النموذج التفسيري الجديد الذي استخدمه المسيري في موسوعته. والجماعة الوظيفية كما يعرفها هي جماعة يستجلبها المجتمع من خارجه أو يجندها من داخله (من بين الأقليات الإثنية أو الدينية أو حتي من بعض القري أو العائلات)، ويوكل لها وظائف شتي لا يمكن لغالبية أعضاء المجتمع الاضطلاع بها لأسباب مختلفة، من بينها رغبة المجتمع في الحفاظ علي تراحمه وقداسته (ص447). ومثل هذه الجماعة هي بالضرورة نتاج مجتمع تعاقدي مثل المجتمعات الغربية. فبالنسبة للمسيري الجماعة الوظيفية جماعة تعاقدية لا تدخل في علاقة تراحمية مع المجتمع (ص453).وانطلاقا من هذا التحليل تصبح إسرائيل كما يري دولة وظيفية نشأت نتيجة عملية تعاقدية تمت بين الغرب والحركة الصهيونية، استورد الغرب بموجبها سكانها من خارج المنطقة وغرسها غرسا في العالم العربي، ثم عرفها في ضوء وظيفتها الاستيطانية والقتالية. وهي تدين بالولاء لراعيها الإمبريالي وتدافع عن مصالحه نظير أن يدافع هو عن بقائها وأمنها ويضمن لمستوطنيها مستوي معيشيا مرتفعا (ص452).وانطلاقا من هذا المفهوم لطبيعة إسرائيل ودورها يرفض المسيري مجموعة من الأفكار السائدة حول اليهود والتاريخ اليهودي والعداء للسامية ومعاداة اليهود وغير ذلك من أفكار منتشرة في الكتابات العربية عن اليهود واليهودية والصهيونية وإسرائيل، فهو يري أن مصطلح يهودي مصطلح عام للغاية ومقدرته التفسيرية ضعيفة إن لم تكن منعدمة (ص463)، ويستخدم بدلا منه تعبير الجماعات اليهودية.كما يرفض تعبير التاريخ اليهودي، المستقل عن تاريخ جميع الشعوب والأمم، ويتساءل إذا افترضنا وجود تاريخ يهودي فعلا فما أحداث هذا التاريخ؟ هل الثورة الصناعية علي سبيل المثال من أحداث هذا التاريخ؟ أو أنها تنتمي لتاريخ الغرب. فالثورة الصناعية كما يؤكد، حدث لم يتأثر به يهود العالم العربي بالدرجة نفسها التي تأثر بها يهود أوربا، أما يهود أثيوبيا فلم يتأثروا به إلا علي نحو سطحي. كما يرفض تعابير أخري مثل الهوية اليهودية والشخصية اليهودية والتي لا يتردد في اعتبار الحديث في إطارها حديثا صهيونيا عنصريا معاديا لليهود في الوقت نفسه (ص467). واعتمادا علي هذا المفهوم ينطلق المسيري في تفسيره لظواهر مثل العداء لليهود الذي يعتبره شكلا من أشكال العداء للأقليات والغرباء والأجانب والآخر علي وجه العموم (ص458). أما الإبادة النازية (الهولوكوست) فقد وضعها المسيري في سياقها الحضاري الغربي العريض، ثم وضعها في سياق أقل عمومية هو السياق الألماني (ص464) في فترة محددة من تطوره.
***وفي هذا السياق الغربي نفسه يضع المسيري كلا من النازية والصهيونية فالصهيونية في تصوري ليست جزءا من العقيدة اليهودية، وإنما هي تجل إمبريالي للعلمانية الشاملة (ص472)، والعلمانية الشاملة واحد من عدد كبير جدا من المصطلحات التي سكها المسيري في هذا الكتاب ويعني به تلك الأيديولوجية الكاسحة التي لا يوجد فيها مكان للإنسان أو للقيم (ص299). أما النازية التي تقوم علي تفاوت الأعراق فإنها جزء لا يتجزأ من الفكر الغربي (ص463)، وليست انحرافا عنه كما يري، لذا فإن إبادة اليهود بنت شرعية للنازية وبالتالي للحضارة الغربية التي تمجد القوة فهي حضارة إبادية لا تتردد في إزالة الآخر من طريقها (فهو من الناحية العرقية يشغل مكانة أدني، ولذلك لا يستحق الحياة) (ص463)، ويضعها ضمن سلسلة من وقائع الإبادة المختلفة ابتداء من الهنود الحمر في القرن السادس عشر وحتي فيتنام والبوسنة في القرن العشرين .
هذه المقالة نشرت بمجلة أخبار الأدب التابعة لجريدة أخبار اليوم / العدد 960 بتاريخ 1/10/2006

الجمعة، مايو 16، 2008

أقتلوا بل ... وإسرائيل ...

أقتلوا بل .. فيلم بريطاني شهير من الأفلام الأكثر دموية حيث تتناثر فيه مشاهد الدماء والقتل والعنف إلي أبعد الحدود بطريقة مثيرة للإشمئزاز والتقزز , لا شئ غير الدماء والقتل

وهذه المشاهد الدموية في الفيلم ذو الجزءين ربما ترتبط إربتاطاً وثيقاً بدموية إسرائيل منذ عام 1948 وحتي الآنأي منذ بداية النكبة التي طالت أرض وشعب فلسطين , وسيطرة قطعان من المغتصبين المتعطشين للدماء والقتل تماماً مثلما تدور أحداث الفيلم ..الفارق الوحيد هو أن الفيلم المذكور تستطيع أن تشاهده وتتأثر بأحداثه الدموية وربما يقشعر بدنك بسبب ذلك ولكنك في النهاية ستدرك أنك تتابع عملاً خيالياً لا يمت للواقع بصلة لا من قريب ولا من بعيد , أما تاريخ بني صهيون الدموي الذي بدأ منذ بداية نكبة فلسطين فهو واقع وليس خيالاً منسوجاً سطرته الأحاييل الصهيونية الدموية ..والتاريخ مازال يحكي حتي اليوم هذه الدموية اللامنتهية لدي اليهود- إن اليهود منذ خروجهم من مصر وتشتتهم في بقاع الأرض المختلفة تولدت لديهم عقدة (توهم الإضطهاد ) كما يسميها علم النفس التحليلي وهي تعني أن الآخرين يضطهدونهم ويحاولون الفتك والتربص بهم في أقرب فرصة ومن ثم تولد لديهم عقدة (الإستباق الهجومي )أي إستباق الآخرين بالعنف والإبادة الممكنة قبل أن يستبقوهم لذلك ودعم توهمهم ذلك ما ورد في ترواتهم المحرفة في سفر العدد الاصحاح 33 وعدد 51 و55.. لقد ورد ما يلي:
"وكلم الرب موسى قائلاً: كلم بني اسرائيل وقل لهم أنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان فتطردون كل سكان الأرض أمامكم.. وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم ومناخس في جوانبكم".. وأيضاً ما هو منسوب إلى موسى في الاصحاح 31 من سفر العدد وعدد 14 و17، وذلك بعد انتهاء المعركة بين اليهود والمديانيين.. لقد جاء:
"فسخط موسى على وكلاء الجيش.. وقال لهم هل أبقيتم كل أنثى حية.. فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال.. وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة.."
لذلك فهناك خلفية عقائدية تدعو وتوثق هذا التوهم النفسي ... وهذا يفسر المجازر الدموية في عام 1948 وفي مذبحة قانا وصبرا وشاتيلا ودير ياسين ومخيم جنين وغيرها الكثير والكثير



الخميس، مايو 15، 2008

ثقافة الشوارعيزم في حالة حمار




من كام يوم أتفرجت علي برنامج (حالة حمار) ... يااااه أقصد ( حالة حوار) دايما أغلط في الاسم ده مش عارف ليه

.. وطبعاَ البرنامج ده دايما بيكون زاخر بضيوفه المعروفين والمشهورين ..

وده كفاية أوي ان مقدم البرنامج ده هو السيد "المثقف" عمرو عبدالسميع صاحب ثقافة الشوارعيزم الشهيرة التي ابتكرها وعرض لها في جريدة الأهرام في إحدي مقالاته

وكعادته دائماً يبدو عمرو عبد السميع كما أظن يعني منتشياً بثقافته متأنفاً عمن حوله

الكل لا يفهم إلا أبو العريف عبدالسميع والكل لا يعرف شيئاً إذن لا داعي لأن يتحدث غيره

يبدو ذلك واضحاً عندما يقاطع أحد الشباب (أقصد في الحلقة التي شاهدتها)

وقبل أن يكمل الشاب الذي يسأل سؤاله يقاطعه عبدالسميع ( زميلك )

وينتقل السؤال إلي أحد الشباب الآخرين قبل أن يقاطعه ( زميلك -- زميلك )

والأمر يبدو وكأنها طابونة عيش (فرن عبش )

مما جعلني أتأكد أنها فعلاً حالة حمار

ويبدو أن دكتور عمرو المثقف يحدد خط سير البرنامج مسبقاً

وده طبعاً بيظهر في محاولة تأثيره علي آراء السادة الضيوف

ومحاولاته المستمره في مقاطعاتهم بلا داعي

فالمهم أن تكون رؤيته هي الغالبة والطاغية ولا قيمة لرأي أحد في مقابل رأي وسياسة عبدالسميع الغراء

في إدارة البرنامج ..

وطبعاً لا يخفي علي أحد جهود عبد السميع المضنية في تلميع وجه السلطة بنظام اللف والدوران

بل لا ينكر احد أيضاً دوره في تلطيخ وجه المعارضة

كما رأينا من قبل دوره في الهجوم علي الإخوان أثناء الإنتخابات البرلمانية الماضية

في محاولات مستميتة لإسترضاء لجنة السياسسات بالحزب الوطني

نرجع بقا للحلقة اللي أنا أتفرجت عليها

المهم .. الشباب اللي هما جمهور البرنامج كانوا عبارة عن طلاب من جامعات مصر المختلفة وشاكلهم كانوا متنقيين علي الفرازة

يعني محدش يتكلم في السياسة .. محدش يتكلم في الإقتصاد ... محدش يتكلم في حالة البلد ... ومحدش يتكلم وخلاص

بس اللي حصل بقا إن كان فيه بعض الطلاب المندسين والمنبوذين اللي أثاروا بعض الأسئلة المثيرة

والعجيب والغريب إن كان واحد من ضيوف البرنامج كان .. جمال بيه مبارك

وأسئلة كتييييرة وجهت له طبعاً بعد مقاطعات السيد عبدالسميع للطلاب

وفضلت مستني لآخر الحلقة عشان أشوف رد جمال بيه علي الأسئلة

لكن اللي حصل بقا بأسلوب اللف والدوران بتاعهم إن السيد جمال رد علي الأسئلة كلها وكأنها سؤال واحد بس

سؤال واحد متضمن نقاط كثيرة ولم يتعرض إلي تخصيص الإجابة علي سؤال محدد

رغم أن بعض المندسين طلب منه الإجابة المحددة علي سؤاله إلا أن التهرب الذكي أهمل كل الأسئلة

وجعلها سؤال واحد يناقش الأبعاد السياسية والإقتصادية في مصر

طبعاً هذا يؤكد حالة الحمار التي لا تعطي مساحة للتفكير أو المناقشة والحوار والإستماع للطرف الآخر

وحالة الحمار هذه تتشابه مع حالات أخري مثل البيض بيضك ... قصدي (البيت بيتك )

- وكمان فيه برنامج جديد هابط اسمه (معاً) علي غرار حالة حمار ونتكلم عنهم في المرة الجاية



الأربعاء، مايو 14، 2008

ع الماشي ....

أن العرب لو أرادوا أن يكون لهم تأثير في أمريكا فهم يحتاجون إلي استراتيجية عمل يتحركون بها داخل الساحة الأمريكية‏,‏ يسمعون صوتهم مباشرة لأصحاب الشأن‏-‏ الشركاء في صناعة القرار السياسي‏. عاطف الغمري ( من يحكم أمريكا ) الأهرام
- الأمان شعور داخلي بأنك تنتمي، بأن أحداً لا يستطيع أن يظلمك، بأن أحداً مهما علا منصبه لا يستطيع أن «يلفق» لك فجأة تهمة بلا أساس، الأمان أن تشعر أن أولادك آمنون، مستقبلهم علي الأقل معروف - والغد أمره عند الله - الأمان أن تشعر بالعدل والعدالة، وأنك لا تحتاج لوساطة فلان أو علان، لإتمام إجراء أو الحصول علي حق، هذا هو الأمان. لميس الحديدي .. المصري اليوم
- لاسبيل إلي احتواء أزمة بلغت هذا المبلغ بدون أفق لحلها فالاحتواء يعني إعادة تثبيت الازمة عند الوضع الذي كانت عليه قبل الصدامات المسلحة. واذا أمكن ذلك لايام أو أسابيع قليلة، فهو ليس ممكناً لاكثر من ذلك الا اذا اقترن الاحتواء المستهدف بمبادرات جديدة للحل.
وحيد عبد المجيد ... الشأن اللبناني / الوفد
- مطلوب شيء من العدالة..ومراعاة ظروف الناس دون ان يكون هذا أوكازيوناً للاستيلاء علي أموال البنوك فالغالبية العظمي من المصريين شرفاء وأمناء ولديهم خوف علي سمعتهم ولهذا يجب معاونتهم علي مواجهة ظروف الحياة. عبدالله نصار / الجمهورية

الثلاثاء، مايو 13، 2008

قمت بتصميم هذه الساعه باستخدام برنامج الفوتوشوب لتصميم شكل الساعة ثم استخدام برنامج الفلاش لتركيب الموفي اكشن وأكواد الجافا والصراحه رغم بساطة فكرتها إلا أنها أخذت مجهود كبير

السبت، مايو 10، 2008

آراء ما بعد الإستشراق ......


ملحوظة : فاضل الربيعي كاتب علماني

يري المفكر العراقي فاضل الربيعي في كتابه الجديد "ما بعد الاستشراق"، أنه إذا كان عصر الاستشراق الكلاسيكي الذي كان يعمل من داخل حقل السياسة قد زال واختفى نتيجة غياب الاستعمار القديم، فإننا نحن العرب والمسلمين نجد أنفسنا اليوم -خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001- أمام نوع جديد من الاستشراق يمكن تسميته "ما بعد الاستشراق" الذي هو تطوير بأدوات جديدة للاستشراق الكلاسيكي.
-الكتاب: ما بعد الاستشراق.. الغزو الأميركي للعراق وعودة الكولونياليات البيضاء-المؤلف: فاضل الربيعي -الصفحات: 305 -الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت-الطبعة: الأولى 2007
غير أن ما يقض مضجع الربيعي في هذا الكتاب بشكل كبير ليس ما يتعلق بتلك الصور النمطية المتخيلة عن العرب والمسلمين والتي ينتجها الغرب يوميا في إعلامه وأفلامه الهوليودية، بل إن ما يؤرقه بالفعل هو دور ذاك المثقف العربي الذي بات مفعما عن بكرة أبيه بصور الاستشراق وآرائه، والذي رافق موكب نائب "الملك" الأميركي بريمر وهو يدخل أبواب بغداد.
وليتحول بعد الغزو الأميركي للمنطقة إلى إحدى أدوات الاستشراق الجديد الذي باتت مهمته الأساسية إنتاج نفس الأساطير التي ينتجها الغرب ولكن بنكهة عربية، هذا بالإضافة إلى أن كل مساعيه لعقد بيان من أجل الحرية قد تحول إلى بيان من أجل تبرير عودة الاستعمار.

بدوي في شوارع أمسترداميحدثنا المؤلف في هذا الفصل عن حادثة مثيرة للانتباه جرت بعد احتلال بغداد بأيام قليلة فقط، إذ وقفت مطربة المقام العراقية فريدة محمد علي لتغني في دار الأوبرا الهولندية بمصاحبة الأوركسترا الملكية، أول أغنية مقام عراقي بلغة هولندية.
فامتزج في تلك الليلة الصوت الشرقي القادم من بلاد "ألف ليلة وليلة" الأسطورية بنفخات البوق الصادرة من آلة الفلو الغربية، حيث كانت تتحدث الأغنية عن تجربة وصول اللاجئين العراقيين إلى الغرب فتقول:
بملابسنا الرثة والمتسخةوصلنا متأخرين إلى المدن النظيفة الأنيقةوهذه الأيدي البيضاءالتي تقودنا من معاصمنا بأصواتنا الغريبةوذكرياتنا الصحراوية يا إلهي لقد وصلنا ولكننا ما زلنا تائهين
جاءت هذه التجربة برأي المؤلف لا لتعلن عن ولادة تجربة ثقافية تصالحية بين الشرق والغرب، وإنما بدرجة أكبر لتعلن عن ولادة عصر ما بعد الاستشراق، بحيث باتت الأسواق والشوارع مليئة برجال من البدو التائهين أصحاب الذكريات الصحراوية والأصوات الغريبة، والذين يرتدون ملابس خشنة ورثة، ونساء محجبات زائغات البصر ومثيرات للفضول.
ولكن هذه المرة مع اختلاف جوهري عن عصر الاستشراق الكلاسيكي، في أن هذا البدوي المتوحش ذا الأسنان الطويلة قد بات يتجول مسحورا في شوارع الغرب النظيفة بدلا من طرق الشرق الصحراوية المليئة بالذئاب.
هذا بالإضافة إلى أن أهم ما لامسته وكشفته كلمات الأغنية بقوة ساطعة هي الروح الاستعمارية القديمة التي كانت حينئذ تستيقظ على نحو مفاجئ في أوساط الطبقة السياسية اليمينية في أوروبا والمؤيدة للغزو، والداعية إلى اقتحام الغابة الشرقية المسلمة من أجل اقتلاع لصوصها وبرابرتها المتوحشين والذي يقودهم زعيم شرير اسمه صدام حسين، والتي انطلقت للتو بمشاركة مجموعة من الجنود الهولنديين الحاملين على أكتافهم البيضاء أولئك البدو العميان الذين حصلوا على ملابس نظيفة، ولتقوم بتنصيبهم كزعماء وقادة مجالس قبائلية.

من رحلات الاستشراق الأولى إلى ما بعد الاستشراقيرى المؤلف في هذا الفصل أنه إذا كان الاستشراق القديم هو الذي صمم الصور الزائفة للعراق بوصفه مماثلا للهند أو على نحو ما امتدادا له، وهذا ما سخر منه بمرارة وفي وقت مبكر نسبيا رجل الدين العراقي باقر الشيباني عام 1929 عندما وقف في مواجهة الحاكم العسكري للنجف مستر كراين ليبلغه بأن الصورة بأكملها زائفة وتلفيقية.
"إذا كان البريطانيون قديما توجهوا صوب بغداد من أجل قتال المستبدين أو الظلاميين الرجعيين الذين لا يراعون مشاعر السكان العرب، فإن الأميركيين اليوم لا يرون في المعركة الدائرة سوى استكمال لمعركة أخرى، إذ إنهم ذاهبون إلى محاربة طالبان عراقية في جبال قندهار أخرى"في هذا الوقت بالذات كان البريطانيون يأخذون العراق من معصميه ليقودوه في دروب الغرب الطويلة. ولمدة عقود سيرى العراق نفسه وقد أضحى هدفا لتخيل من نوع جديد، فلن يعود لا صفويا ولا معتمرا للطربوش التركي، بل ليتحول إلى "عراق هندي"، وبعدها في عصر الاستشراق الجديد إلى "عراقي أفغاني".
وكما أن البريطانيين كانوا يتوجهون صوب بغداد من أجل قتال "المستبدين" أو" الظلاميين الرجعيين" الذين لا يراعون مشاعر السكان العرب، فإن الأميركيين اليوم لا يرون في المعركة الدائرة سوى استكمال لمعركة أخرى، إذ إنهم ذاهبون إلى محاربة طالبان "عراقية "في جبال قندهار أخرى تتراقص سفوحها أمام بنادقهم.
ويتضح مقصد المؤلف من خلال المزج والمقارنة بين الصور والانطباعات التي تخيلها الاستشراق القديم وبين ما ينشره الاستشراق الجديد، وذلك من خلال الاطلاع على رحلات بعض المستشرقين، والتي تروي قصص لقاءاتهم "بمسلمين من ذوي النيات الحسنة "وكيف أن هؤلاء المسلمين سوف يخبرونهم بأن هذه البلاد سوف تزدهر لو حكمت من قبل بريطانيا وبأن الإنجليز لن يتعرضوا لأي مقاومة تذكر".
وهذا ما يذكرنا -رأي المؤلف- لقناعات التي كانت تدور في مخيلة مفكري ما بعد الاستشراق والقصص التي ألفوها عن أن الشعب العراقي سوف يتلقاهم بالورود، أو من خلال الصور التي نجدها اليوم من انتشار للصحوات العراقية من بغداد إلى كركوك والتي مثلت إعادة إنتاج لما حدث في مقاطعات هندية من قبل البريطانيين والتي كانت تسعى إلى تفتيت الملكيات الكبيرة من الأراضي وخلق طبقة من البارونات واللصوص الجدد الخالين من أي ميول عدوانية ضد "المحررين البيض" والتي يمكن زجها كذلك في أي لحظة بالنزاع الداخلي كقوة منظمة.

أساطير ما بعد الاستشراقيرى المؤلف ما كان للاستشراق أساطيره اللذيذة عن "الخوف من البدو "ذوي الأسنان الطويلة اللامعة، والذين يقتلون الإنسان لمجرد الاعتقاد أن أزراره الصفراء هي أزرار من ذهب، فقد كان لما بعد الاستشراق أساطيره اللذيذة الخاصة به هو الآخر والمماثلة للحكايا السابقة، ولكن الأكثر جوهرية من حيث إن ما بعد الاستشراق يركز بطريقة مختلفة تماما لا على "العيون التي تتوهج كالنار" أو على "الأسنان الطويلة "للبدو، بل على الطابع الاستثنائي للعنف المختزن في أعماق الشرق أوسطيين ذوي الشعر الأسود واللحى الطويلة، والتي ستمهد السبيل أمام تخيل هؤلاء في صورة إسلاميين متطرفين يهددون العالم كله.
وبالتالي فإن هذا التصوير الجديد لابن الشرق قد أدى إلى إحلال رمزية جديدة للبدوي محل رمزية الأسنان الطويلة التي أنزلت في الماضي الرعب في قلوب الرحالة والمستشرقين الأوائل وذلك بتخيله على أنه حيوان كاسر، بينما أدت الصور الجديدة المتمثلة باللحية في إعادته إلى البدائية الأولى ومن ثم محاولة إقناعنا بأن الوظيفة الأساسية لهذه اللحية هي السعي وراء الموت وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.
"صناعة الخوف واحدة من أكثر وظائف أساطير ما بعد الاستشراق اختصاصا وذلك عبر محاولة تصوير تنظيم القاعدة وكأنه شبكة عالمية أخطبوطية هائلة القوة ومؤلفة من رجال ذوي لحى طويلة يسعون لتهديد وفناء حضارة الغرب ومدنيته"وبرأي المؤلف فإن صناعة الخوف قد باتت واحدة من أكثر وظائف أساطير ما بعد الاستشراق اختصاصا، وذلك من خلال محاولة تصوير تنظيم القاعدة وكأنه شبكة عالمية أخطبوطية هائلة القوة ومؤلفة من رجال ذوي لحى طويلة يسعون إلى تهديد وفناء حضارة ومدنية الغرب، والذين يأتون من أوكار بن لادن في صحراء شبه الجزيرة العربية، أو من بوادي الزرقاوي في الأردن.
وبالتالي تحولت الصحراء العربية المليئة بالنفط في عصر ما بعد الاستشراق إلى مصدر للخوف الغربي من الشرق، والتي هي صورة طبق الأصل عن الخوف الذي رسمه المستشرقون الأوائل في بداية القرن التاسع عشر.
هذا بالإضافة إلى العمل على تحويل حزب البعث العربي الاشتراكي الذي قاد المقاومة في بداية الاحتلال إلى منظمة سرية أصولية شبيهة بالقاعدة، وتحويل ميشال عفلق إلى شبيه بالملا عمر.
وهذا برأي المؤلف ما كان يلائم الذهنية الأميركية المغرمة بالتنميط والتي ترغب بقوة في تعميم النموذج الأفغاني الذي بات ينتشر بكثافة في وسائل الإعلام الغربية.
وبما أن العراق قد بات امتدادا دينيا وعسكريا وثقافيا كولونياليا لأفغانستان فسيكون لديه نفس الحال تقريبا، وهذا ما عبر عنه الرئيس الأميركي في إحدى زياراته إلى بريطانيا عندما قال إن "القوات الأميركية في العراق فتحت المدارس وأعادت الكهرباء، والعراقيون نالوا حريتهم"، وبالتالي عملت هذه الكولونيالية على تصوير هذا البلد من دون مدارس أو مستشفيات أو جسور، وفيه فوق ذلك نساء مضطهدات وعليه تحول هذا البلد الذي كان لديه زهاء 15 ألف عالم إلى رمز شبيه بأفغانستان.
ويتابع المؤلف مناقشته للأساطير التي رسمها الأميركيون عن المقاومة من خلال نشرهم مع حلفائهم في العراق روايات لمجموعة من المقاتلين العرب الذين باتوا يطلقون النار على الأطفال والنساء والذين كانوا قد تسللوا عبر الحدود في بداية الغزو الأميركي، والذي كان يمثل صورة طبق الأصل عن الصورة التي رسمها الأميركيون في خيالهم عن العمليات الاستشهادية للفلسطينيين في داخل الأراضي الإسرائيلية، أو عندما أقنعهم جلال الطالباني أثناء الغزو بضرورة قصف مواقع لأحزاب إسلامية كردية في جبال كردستان، والتي تحولت لدى الأميركيين رمزيا وكأنهم يقصفون الجماعات الأفغانية المختبئة في توره بوره.
هذا بالإضافة إلى روايات الجيش الأميركي عن آلة تقطيع البشر في سجن أبو غريب والتي باتوا يسعون من خلالها رمزيا إلى البحث عن "آلة إدارية جديدة "تقوم "بفرم العراق" وتحويله إلى ما آلت إليه الأوضاع الآن من تقسيم للبلاد.
"حقل الاستشراق الجديد يتعرض في الآونة الأخيرة لنوع من الاضطراب وإن ما زال خجولا، وهناك جيل جديد من المستشرقين اليساريين أثاروا في العقود الماضية قدرا كبيرا من النقد لدراسات الشرق الأوسط "أخيرا فإننا نرى أن هذا الكتاب يمثل مرجعا مهما في تفسير سلوك الولايات المتحدة الأميركية في العراق، إضافة إلى أننا نتفق مع المؤلف في أن المصالح الغربية استخدمت في هيمنتها على المنطقة أسلحة فكرية بديلة متمثلة إما في مستشرقين قدماء مثل برنارد لويس، أو في مستودعات للأفكار والتي هي منظمات بحثية خاصة تهدف إلى إنتاج أفكار لصالح السياسة.
لكن هذا لا ينفي أن حقل الاستشراق الجديد بات يتعرض في الآونة الأخيرة لنوع من الاضطراب وإن ما زال خجولا، وأن هناك جيلا جديدا من المستشرقين اليساريين مثل زاكاري لوكمان وغيره قد أثاروا خلال العقود الماضية قدرا كبيرا من النقد لدراسات الشرق الأوسط وإن كانت تنطلق في بعض الأحيان كذلك من حقل السياسة، وذلك كي لا يقع القارئ العربي وهو الذي لا يسمع الآن سوى هدير الطائرات أو يرى كيف أن سيارة اللكزس التي وعدنا بها أحد شيوخ المستشرقين الجدد قد تحولت إلى دبابة ميركافا بمجرد وصولها إلى المنطقة -أقول- كي لا يرى في الكتاب إدانة كاملة للغربيين والفكر الغربي في عصر ما بعد الاستشراق، وربما هذا ما اشتكى منه المرحوم إدوارد سعيد لطريقة فهم الاستشراق.
عرض/ محمد تركي الربيعو

الخميس، مايو 08، 2008

فلسطين في ستين عاماً




- عندما أستمع إلي كلمة فلسطين فإن وقع الكلمة يعني لي سلسلة من الخبرات التراكمية التي تتشابك فيما بينها لتكون خريطة فلسطين في ذهني ..
- تعني لي تلك الرحلة التي تبدأ من الشمال حيث بلدة الناصرة , وتمر بيافا وحيفا والقدس ورام الله والبيرة والضفة , تعني لي غزة ورفح ومخيمات اللاجئين
- تعني لي تلك الصورة التي رسمتها في مخيلتي منذ أن قرأت عن أدب النضال الفلسطيني , منذ أن قرأت " إبتسامة علي شفتيه " ليوسف السباعي وما حدث في صبرا وشاتيلا وقانا وغيرها والمسجد الأقصي مازالت صورته في القلب من ذلك
- تعني لي عام 2000 والإنتفاضة وفعاليات مؤتمر الأقصي لدعم الإنتفاضة والذي نظمته نقابة الأطباء وحضره الدكتور محمد عمارة والدكتور جمال عبدالهادي والدكتور جابر قميحه وسمعت يومها صوت الشيخ أحمد ياسين مباشرة ضمن فعاليات المؤتمر عبر الهاتف
- تعني لي مكالمتي الهاتفية مع أحد أصدقائي في فلسطين , وسألته عن حاله وكيف يعيش وكيف حال إبنتيه الصغيرتين
- ألبوم الإنتفاضة كان ألبوماً يحمل في طياته صور المجازر والإنتهاكات ما زلت أشعر به بين يدي وأنا أجلس في حديقة الجامعة
- ستون عاماً من النكبة تعني الكثير والكثير

توابع زلزال " أبي آدم" ما زالت مستمرة ...




في عام 1998 صدر كتاب بعنوان ( أبي آدم ) لمؤلفه الدكتور

عبدالصبور شاهين وهو أستاذ بجامعة الأزهر في مصر

وكان الكتاب بمثابة القنبلة التي أصدرت دوياً هائلاً علي المستوي

الثقافي والفكري والفلسفي والفقهي والكتاب عبارة عن بحث وإجتهاد

علي حسب قول شاهين نفسه وهو يفند أقوال وآراء علماء وأئمة السلف

في أن آدم عليه السلام هو أبو البشرويعتقد علي حسب ما يري في أن

مصادر هذه التفسيرات إنما ترد إلي نصوص من الإسرائيليات كما ذكر ذلك


في مقدمة الطبعة الثانية فيقول :أما الكتاب فقد كان صخرة أردت

بها أن أدق رأس الأفعى الإسرائيلية اللابدة في الثقافة الإسلامية

القديمة ، ممثلة فيما سمي بالإسرائيليات ، وهي لا تعدو أن تكون أساطير

خرافية تسللت إلى الفكر الإسلامي ، وإلى عقل الإنسان المسلم ،

فاعتمدها أئمة من أهل التفسير ، ومن خلال تلك التفاسير سكنت في

منطقة المسلمات من العقل المسلم ، وهي في الواقع أفعى إسرائيلية

إعتنقها كثير من الرجال ، ممن لم يعملوا عقولهم في تحليل نصوص القرآن

، وممن لم يشعروا بالصدمة حين اتضحت من الأرقام المسافات الزمنية

الهائلة بين معطيات الخرافة ، وتقديرات العلم لآماد ما قبل

التاريخ .. وأبعاد الحياة البشرية ..


لقد خنقت الأفعى أفهامهم حين طوقت أعناقهم

وفي صــ51 من الكتاب في الفصل الثالث يقول : إذا كان علماء السلف

قد اتفق جمهورهم على أن آدم هو أول الخليقة ، وأول ما خلق من تراب ،
- فإن بعضهم قد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ، فتصوروا لهذه الخليقة

ممتداً في أعماق الزمان ، قبل آدم ، ربما إلى ملايين السنين ، والمهم أن

أحداً ممن قال بهذا المذهب لم يلق نكيراً من الفريق الآخر .. بل عاشت

الآراء المتناقضة جنب إلى جنب ، حتى تلقيناها ورأينا كيف أنار الله

بصيرة الأقدمين فامتدت رؤيتهم إلى أعماق الغيب قبل التاريخ على هذه

الأرض ، وتنوعت رؤيتهم تبعاً لإختلاف التخيلات ، وما نحسب أنهم

اعتمدوا على شواهد مادية .. بل هي محض تخيلات هداهم إليها تأملهم

المنطقي في أحوال الدنيا ..

( ذكر المسعودي في كتابه عن بعض العلماء : أن الله سبحانه وتعالى خلق

في الأرض قبل آدم ثمانياً وعشرين أمة على خلق مختلفة ، وهي أنواع :

منها ذوات الأجنحة ، وكلامهم قرقعة . ومنها ما لها أبدان كالأسود

، ورؤوس كالطير ، ولهم شعور وأذناب ، وكلامهم دويّ . ومنها ما له

وجهان ، واحد من أمامه ، والآخر من خلفه ، وله أرجل كثيرة .

ومنها ما يشبه نصف الإنسان بيدٍ ورجلٍ ، وكلامهم مثل صياح الغرانيق

( جمع غرنوق وهو طائر مائي ) . ومنها ما وجهه كالآدمي ، وظهره

كالسلحفاة ، وفي رأسه قرن ، وكلامهم مثل عَوِي الكلاب . ومنها ما له

شعر أبيض ، وذنب كالبقر . ومنها ما له أنياب بارزة كالخناجر ،

وآذان طوال . ويقال : إن هذه الأمم تناكحت وتناسلت حتى صارت مائة

وعشرين أمة . ( المستطرف / 398 )وهو بذلك يريد أن ينقل الصورة

المغايرة لما ترسخ في أذهان العلماء ومصادرهم في هذه القضية كما

يعتمد علي تفسير بعض الآيات من القرآن الكريم مثل قوله تعالي {وَإِذْ

قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (28)

سورة الحجر ثم رد الملائكة علي الله سبحانه وتعالي فيما بعد {وَإِذْ قَالَ

رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ

فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ

تَعْلَمُونَ } (30) سورة البقرة -- فكيف علمت الملائكة بأن هذا البشر

سيسفك الدماء ويفسد في الأرض إلا إذا كان ذلك ماثلاً أمامهم ويمثل

حقيقة وجود البشر من قبل (وهذا ما ذهب إليه المؤلف )وذكر ذلك في

صـ70 فيقول : ونص إعلام الله للملائكة يأتي هكذا { إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا

مِن طِينٍ } ، واستخدام الصيغة ( خالق ) هنا يفيد الإحداث .. أي :

الإيجاد من عدم ، والسؤال هو : هل هذه الصيغة في موقعها تفيد
المضى ، أو المستقبل ؟ ونرى أنها تفيد المضى ، أي : إن الله كان قد خلق هذا البشر قبل الإعلام به ، وقد أراد أن يخبر الملائكة تهيئة لهم

، حتى يتابعوا أحوال المخلوق ، خلال مراحل التسوية ، والنفخ الإلهي

- كيفما يقعوا له ساجدين - كما أمر الله ، ولعل ذلك ( الخلق )- وهكذا يستمر الكاتب في البحث عن الأدلة والقرائن لتوضيح وجهة نظره غير أن صدور الكتاب تبعه نوبة من الإنتقادات والهجوم طال حتي شخص المؤلف الدكتور عبدالصبور شاهين ,


ففي كتاب (أبي آدم (عليه السلام) بين المفتريات والحقائق ) لمؤلفه غريب أبو عارف
ويذكر فيه رداً تفصيلياً علي ما جاء في الكتاب وفي صـ15 من كتاب غريب أبو عامر يذكر تعقيب الدكتور زغلول النجار علي الكتاب فيقول قال عنه العلامة الدكتور: محمد زغلول النجار وهو بمستواه العلمي النادر في هذا العصر ـ اللهم احفظه وبارك في علمه، واجعله يا رب في زيادة من نورك، وعَلّمه يا رب ما لم يكن يعلم ـ قال:

(الكتاب ليست له قيمة علمية ولا دعوية بالإضافة أنه خالف نصوصًا قرآنية قطعية الدلالة وخالف أحاديث نبوية صحيحة موجودة في كل كتب السنة). وفي تعقيبه في صـ 21علي ماذكره شاهين من رأي المسعودي يقول:

(ذكر المسعودي في كتابه أساطير الأولين: أن اللَّه ـ سبحانه وتعالى ـ خلق في الأرض قبل آدم ثمانيًا وعشرين أمة على خلْق مختلف) [في نفس الصفحة السابقة السطر التاسع] . [المسعودي مؤرخ شيعي ذو اعتقاد فاسد وعلم من أساطير الأولين]

توابع زلزال " أبي آدم" ما زالت مستمرة ...

[IMG]http://leqatar.net/vb/picture.php?albumid=10&pictureid=67[/IMG][COLOR="Red"]في عام 1998 صدر كتاب بعنوان ( أبي آدم ) لمؤلفه الدكتور عبدالصبور شاهين وهو أستاذ بجامعة الأزهر في مصر وكان الكتاب بمثابة القنبلة التي أصدرت دوياً هائلاً علي المستوي الثقافي والفكري والفلسفي والفقهي والكتاب عبارة عن بحث وإجتهاد علي حسب قول شاهين نفسه وهو يفند أقوال وآراء علماء وأئمة السلف في أن آدم عليه السلام هو أبو البشرويعتقد علي حسب ما يري في أن مصادر هذه التفسيرات إنما ترد إلي نصوص من الإسرائيليات كما ذكر ذلك في مقدمة الطبعة الثانية فيقول :أما الكتاب فقد كان صخرة أردت بها أن أدق رأس الأفعى الإسرائيلية اللابدة في الثقافة الإسلامية القديمة ، ممثلة فيما سمي بالإسرائيليات ، وهي لا تعدو أن تكون أساطير خرافية تسللت إلى الفكر الإسلامي ، وإلى عقل الإنسان المسلم ، فاعتمدها أئمة من أهل التفسير ، ومن خلال تلك التفاسير سكنت في منطقة المسلمات من العقل المسلم ، وهي في الواقع أفعى إسرائيلية إعتنقها كثير من الرجال ، ممن لم يعملوا عقولهم في تحليل نصوص القرآن ، وممن لم يشعروا بالصدمة حين اتضحت من الأرقام المسافات الزمنية الهائلة بين معطيات الخرافة ، وتقديرات العلم لآماد ما قبل التاريخ .. وأبعاد الحياة البشرية .. لقد خنقت الأفعى أفهامهم حين طوقت أعناقهم [COLOR="Blue"]وفي صــ51 من الكتاب في الفصل الثالث يقول :[/COLOR] إذا كان علماء السلف قد اتفق جمهورهم على أن آدم هو أول الخليقة ، وأول ما خلق من تراب ، - فإن بعضهم قد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ، فتصوروا لهذه الخليقة ممتداً في أعماق الزمان ، قبل آدم ، ربما إلى ملايين السنين ، والمهم أن أحداً ممن قال بهذا المذهب لم يلق نكيراً من الفريق الآخر .. بل عاشت الآراء المتناقضة جنب إلى جنب ، حتى تلقيناها ورأينا كيف أنار الله بصيرة الأقدمين فامتدت رؤيتهم إلى أعماق الغيب قبل التاريخ على هذه الأرض ، وتنوعت رؤيتهم تبعاً لإختلاف التخيلات ، وما نحسب أنهم اعتمدوا على شواهد مادية .. بل هي محض تخيلات هداهم إليها تأملهم المنطقي في أحوال الدنيا .. ( ذكر المسعودي في كتابه عن بعض العلماء : أن الله سبحانه وتعالى خلق في الأرض قبل آدم ثمانياً وعشرين أمة على خلق مختلفة ، وهي أنواع : منها ذوات الأجنحة ، وكلامهم قرقعة . ومنها ما لها أبدان كالأسود ، ورؤوس كالطير ، ولهم شعور وأذناب ، وكلامهم دويّ . ومنها ما له وجهان ، واحد من أمامه ، والآخر من خلفه ، وله أرجل كثيرة . ومنها ما يشبه نصف الإنسان بيدٍ ورجلٍ ، وكلامهم مثل صياح الغرانيق ( جمع غرنوق وهو طائر مائي ) . ومنها ما وجهه كالآدمي ، وظهره كالسلحفاة ، وفي رأسه قرن ، وكلامهم مثل عَوِي الكلاب . ومنها ما له شعر أبيض ، وذنب كالبقر . ومنها ما له أنياب بارزة كالخناجر ، وآذان طوال . ويقال : إن هذه الأمم تناكحت وتناسلت حتى صارت مائة وعشرين أمة . ( المستطرف / 398 )[COLOR="Blue"]وهو بذلك يريد أن ينقل الصورة المغايرة لما ترسخ في أذهان العلماء ومصادرهم في هذه القضية كما يعتمد علي تفسير بعض الآيات من القرآن الكريم مثل قوله تعالي {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (28) سورة الحجر ثم رد الملائكة علي الله سبحانه وتعالي فيما بعد {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } (30) سورة البقرة -- فكيف علمت الملائكة بأن هذا البشر سيسفك الدماء ويفسد في الأرض إلا إذا كان ذلك ماثلاً أمامهم ويمثل حقيقة وجود البشر من قبل (وهذا ما ذهب إليه المؤلف )وذكر ذلك في صـ70 فيقول[/COLOR] : ونص إعلام الله للملائكة يأتي هكذا { إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ } ، واستخدام الصيغة ( خالق ) هنا يفيد الإحداث .. أي : الإيجاد من عدم ، والسؤال هو : هل هذه الصيغة في موقعها تفيد المضى ، أو المستقبل ؟ ونرى أنها تفيد المضى ، أي : إن الله كان قد خلق هذا البشر قبل الإعلام به ، وقد أراد أن يخبر الملائكة تهيئة لهم ، حتى يتابعوا أحوال المخلوق ، خلال مراحل التسوية ، والنفخ الإلهي - كيفما يقعوا له ساجدين - كما أمر الله ، ولعل ذلك ( الخلق )[COLOR="Blue"] - وهكذا يستمر الكاتب في البحث عن الأدلة والقرائن لتوضيح وجهة نظره غير أن صدور الكتاب تبعه نوبة من الإنتقادات والهجوم طال حتي شخص المؤلف الدكتور عبدالصبور شاهين , ففي كتاب (أبي آدم (عليه السلام) بين المفتريات والحقائق ) لمؤلفه غريب أبو عارف ويذكر فيه رداً تفصيلياً علي ما جاء في الكتاب [/COLOR][COLOR="Blue"]وفي صـ15 من كتاب غريب أبو عامر يذكر تعقيب الدكتور زغلول النجار علي الكتاب فيقول قال عنه العلامة الدكتور[/COLOR]: محمد زغلول النجار وهو بمستواه العلمي النادر في هذا العصر ـ اللهم احفظه وبارك في علمه، واجعله يا رب في زيادة من نورك، وعَلّمه يا رب ما لم يكن يعلم ـ قال: (الكتاب ليست له قيمة علمية ولا دعوية بالإضافة أنه خالف نصوصًا قرآنية قطعية الدلالة وخالف أحاديث نبوية صحيحة موجودة في كل كتب السنة). وفي تعقيبه في صـ 21علي ماذكره شاهين من رأي المسعودي يقول: (ذكر المسعودي في كتابه أساطير الأولين: أن اللَّه ـ سبحانهوتعالى ـ خلق في الأرض قبل آدم ثمانيًا وعشرين أمة على خلْق مختلف) [في نفس الصفحة السابقة السطر التاسع] . [المسعودي مؤرخ شيعي ذو اعتقاد فاسد وعلم من أساطير الأولين] [/COLOR]

الثلاثاء، مايو 06، 2008

بواعث التجديد ومعطيات التغيير ...


عندما كنت صغيرا كنت اتخيل دائما ان حياتنا ربما يعصف بها تغييرا مفاجئا يحيلها الي حقيقه جديده ربما تتناسب ولو جزئيا مع ماكنا نحلم به وننشده من ثوابت او حتي متغيرات لحظيه وربما تكون شيئا جديدا او عارضا و التغيير له ثقله مهما قلت اهميته فالاهم هنا هو التغيير في ذاتيته ومثاله بينما الخيال ربما يكون بعيدا عن الحقيقه مهما اقترب منها او كان علي شاكلتها .- منذ فتره قرات روايه لاحد الكتاب الفرنسيين في القرن الثامن عشرشعرت فيها بنبره الثوره التي يعيشها الكاتب ولكنها ليست الثوره في معناها المقصود بل هي ثوره الذات والنفس علي علي كل البواعث والثوابت والثقافه الفرنسيه كثيرا ماتزخر في مضمونها بمثيرات التغيير وربما تلاحظ كم هذه المثيرات في التراث الفرنسي بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر مرورا بالقرن الثامن عشر وبما ان التغيير يرتبط ارتبطا وثيقا بالثقافه وهي انماط شديده الترابط ببعضها وقد كان هذا شاهدا من موروثات الثقافه الغربيه وبالاخص الفرنسيه منها والتي شهدت مثالا لهذا النمط .- إن مضمون التغيير في ذاته يحتاج إلي باعثاً او مثيراً ذاتياً , ويبدو ذلك واضحاً وجلياً في رمزيه الثوره الفرنسيه , فقبل اندلاع الثوره سادت اوضاع شديده السوء في فرنسا بل في اوربا كلها وأنتشر الصراع الفكري بين ألأفكار الفلسفيه المختلفه وتفاقم الوضع علي أشده وتأزمت الامور حتي ثار القوم علي سلطه الكنيسه هناك وظهرت في كتابات الادباء والمفكرين نبره ثوريه صاخبه . وظهرت حينها الافكار والمعتقدات الجدليه والخبليه ولعلك تجد مبرراً لواحد من هؤلاء الكتاب إذ يسرح بخياله وفكره ويحلق إلي عالم من الخيال أو ربما تجد أخر يتحدث عن الاله وحقيقه الوجود وأخر يتحدث عن الطبيعه وجمالها .ووإلخ ...- لقد كان هناك مثيراً أو باعثاً لمثل تلك العناصر ومن ثم كان هناك نتاج تمخض عن هذه المثيرات ...أنا شخصياً عندما كنت أقرأ لهؤلاء كنت أشعر بظلام دامس وأفق مظلمه بائسه تبعث علي التشاؤم والملل وأحياناً القلق النفسي .ولكن سرعان ماتجرفك هذه كلها في مدها وجزرها وتنحسر إلي صوره أخري تكاد تكون مرضيه عندما تسعد يمن يتحدث عن الحريه وعن الطبيعه وهكذا ...امثله الكتاب الفرنسيين في هذه الفتره كثيره وابرزهم كان Voltaire وChateaubriand....وهناك الكثير من هؤلاء الكتاب ممن عاصروا هذا الواقع الثوري في التاريخ الفرنسي ، ممن كان لهم أثر فاعل في هذه الفترة ، وأعمالهم تشهد بذلك .بيد أن هؤلاء جميعهم ربما حتي ثاروا علي أنفسهم وعلي ذاتيتهم ، فقد كان نفورهم وثورتهم في قالب متكامل .....إذن ماالذي دفعهم إلي هذه الثورة وإن كنّا نشهد لها كمثال نمطي ليس إلا ؟! وإن كان ثمه مثير فهل هناك عوامل أخري تتضافر مع تلك الإستثارة لتروج هذه الفكرة الثورية لتكون في مفهومنا هذا الرفض المنطقي أو ربما غير المنطقي لواقع معين 0- لقد كان للعقل والتفكر دوراً هاماً هنا بإعتبار التفكر والإدراك مثالاً حياً لهذه الإشكالية ، فإعمال العقل في شأن حياة الإنسان بصفة عامة ، أو حتي في مسألة معينة جدير بأن يؤدي إلي تحول وتغير خاصة إذا كان العقل متجرداً وصادقاً ويبحث بنفسة عن إجابات شافية لأسئلة أو طرح معين0إذن فمجال العقل مسّـلم به في هذه الحالة وهونمط ومثال خاص أيضاً لما لأهميتة ونموذجيته ولنا أن نعرف أن إستخدام العقل وتوظيفه مهما كانت النتائج هي طبيعة فطرية للإنسان ولكن الفارق هنا في صدق هذا التوظيف ومثاليته فلا يتساوي في ذلك مثلاً صاحب الفكرة التي يحيا لأجلها بمن يجعلها نمطاً تقليدياً وقد لايكون مؤثراً في حياته ، أيضاً مجال التجربة والمقارنة .. فما لإنسان أن يشعر بقيمة التغيير إلا بأن يشعر بقيمة التجربة أو حتي أن يحيا تجربةً معينة حيث يتكون لديه إنطباعاً ذو معني معين ، ومن ذلك مثلاً أن تجد إنساناً يتحول إلي عقيدة معينة أو ديانة أخري غير ديانته ، فمثلاً من يتحول إلي الإسلام ، فإنه قد يكون خالط المسلمين وعرفهم عن قرب ولمس صدق تجربتهم وإخلاصهم وتكافلهم وحريتهم الحقيقية ،وأقتنع بأفكار الإسلام وتعاليمه ومنهجه ، بواقع التجربة والمخالطة وكذلك المقارنة 0ـ التأمل والتفكر أيضاً .. لنا أن نعلي من قيمتهما وأهميتهما ، فمن يتأمل ويتدبر يستطيع أن يميز وهي فرصة لتمييز الأفكار وتنقيحها وتنقيتها من كل شائبة ، كما أن التأمل في مصير الظالمين ، وكراهية الظلم أيضاً من المسببات القوية والأدوات الفاعلة في تحقيق الهدف .وفي التأمل والتفكر في خلق الله أيضاً له قيمته التي تجعل الإنسان يشعر بقدرة الله عليه، وتنقله إلي محيط روحاني هائل قد يغير في سلوكه ويجعله يزداد قرباً إلي ربه "إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " 11ـ النحل 0وهكذا السياق يسير في تناسق بديعيّ بديهيّ يرتبط بالفطرة التي فطرنا الله عليها00....

مناوشات الأصدقاء 1




صديقي هشام صديق مناكف كما يقولون ومفيش حاجه عاجباه أبداً ومستحيل أقدر أقول لاء علي حاجه أبداً , أو حتي (كلا البطة) قصدي البتة زي ما بيقول .
يا سلام .. هوا أنا كنت هاخلص منه لو قلت حاجه زي كده ومش بعيد يخبطني كام رأي من آراء الفقهاء والعلماء بالإجماع علي إني آثم شرعاً ..
ده حتي حصلت مرة .. كنت بتكلم وفي سياق الكلام طلعت كلمة بالإنجليزي وكانت غلطة ومش هكررها تاني , ده أنا مكنتش أقصد أصلاً
طلعلي بكام رأي من الآراء إياهم وكم إجتهاد من إجتهادات العلماء والمهم طلعت في الآخر " آثم - آثم – آثم " علي رأي مولانا سيد طنطاوي يعني ....
- أما الجدال معه فلا طائلة منه لأنه في النهاية سيقنعني أني غلطان ! إزاي معرفش !
- ورغم أني كنت أناقش أشخاصاً كثيرين مثلاً من خلال الإنترنت وغير الإنترنت في أفكار معينة ..
- كنت أجهز الردود والأدلة والحجج التي تجعل النقاش في كل الحالات يسير لصالحي حتي أنني مثلاً لم أكن أعلم شيئاً عن عقيدة الصلب والفداء هذه ولا عن أسرار الكنيسة ولكني أضطررت للقراءة عنها بتمعن حتي أتمكن من النقاش مع شاب نصراني وكان يتطلب إلمامي التام بمثل هذه الأمور , فأخذت أقرأ في ذلك حتي أكون مستعداً للرد والنقاش
- وهكذا كان أسلوبي في التعامل مع مثل هذه الأمور .
أما صديقي هشام ( الله يهديه ) ولا يجادلني في شئ مرة أخري , يأخذني في النقاش علي حين غرة , وقبل أن أكون مستعداً لأن أنبذ بكلمة واحدة , يكون قد أنتهي هو من كلامه المسلم به علي حسب ظنه طبعاً

الأحد، مايو 04، 2008

إضراب بلا طعم ولا لون ولا رائحة !!!!


إن مشاركة الإخوان في الإضراب هذه المره ربما يفقد الإخوان مصداقيتهم في التعامل مع القضايا التي تشغل الرأي العام فقد كانت الأدلة والحجج التي سيقت لنا لعدم المشاركة في الإضراب مقبولة بعض الشئ ولكن هذه المرة الوضع يختلف قليلاً .
- فلربما ظن بعض المتابعين لنشاط الإخوان أن الجماعة تنتهج لنفسها مساراً مميزاً خالي من الأخطاء والغموض ولا لبس فيه وكان موقفهم واضحاً من عدم المشاركة في الإضراب وكان دليلهم في ذلك واضحاً وقوياً , حتي أنني شخصياً كنت من المدافعين عن موقف الإخوان في هذه المرة ومحاولتهم أن ينئوا بأنفسهم عن مثل هذه الزوابع التي لا طائلة منها , وقد خابت ظنون الكثير من المشككين في موقف الإخوان بعدما وصل الأمر لذروته في المحلة الكبري وتصاعدت الأحداث هناك وسقط الضحايا والمصابين وبلغت الإنتهاكات ذروتها .
- الأمر هذه المرة إذن مختلف فلو أن الإخوان أحجموا عن المشاركة لكن أفضل ولقال البعض أن هذا هو موقف الإخوان وموقفهم ثابت وواضح من عدم المشاركة في الإضراب
- قال لي صديقي إنني كنت أحترم موقف الإخوان من عدم المشاركة في الإضراب ولكنن أصبت بالصدمة هذه المرة فلماذا يشاركون وما هو المبرر لذلك ؟ وسألني هل لديك أنت مبرر ؟! فقلت له صراحة لا وأنا من المعترضين أصلاً .. فقال يبدو أن موقف الإخوان في المرة الأولي ربما كان بدافع الإنتظار قبل قرارت المحاكمة العسكرية والإبتعاد عن المناوشات التي تثير حفيظة الحكومة وربما تكون النتيجة هي تشديد قرارت المحاكمة العسكرية أما هذه المرة فلم يعد هناك شئ يبكي عليه الإخوان وغدت أحكام العسكرية حقيقة قائمة وواضحة للجميع , أليس كذلك ؟
- قلت له يا سيدي لا تسئ الظن وتبحث عن الشكوك حتي لا تكون مثل أصحاب الجرائد الصفراء .
- قال لي فماذا تري أنت إذن ؟!
- قلت .. أنا رأيي من رأيك ولكني لست بهذه الحدة وبهذا الظن , فلا أحد يستطيع أن يراهن علي موقف الإخوان في ميدان التضحيات خاصة في قضايا أوطانهم وليست المحاكمات العسكرية أول تضحيات الإخوان حتي يجعلهم ذلك يغيرون من مبدأهم الأصيل في التعامل مع قضايا وطنهم محل الجدل بيد أني أختلف معهم هذه المرة فالمبررات كما ذكرت إذا كانت مقبولة من قبل فهي ليست مقبولة الآن .. فإضراب الرابع من مايو هذا جاء بعد قرار الرئيس برفع نسبة الزيادة في المرتبات إلي نسبة 30% وهي نسبة مرتفعة نسبياً ولكنها تجعل أي مشاركة في أي إضراب مهما كانت الظروف ليس له طعم أو غير محدد الأهداف

علاج مرض السكر بدون دواء

بد اية يجب أن نعرف أولا ما هو مرض السكر :- هو مرض مذمن , يتميز بارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم إلى أعلى من المستوى الطبيعي نتيجة لعدم قد...